والهجين، والمقرف1 والعبد، اقتضى كل أولئك أن يستمع بعضهم من بعض وأن يتفاهموا في كل ما يتصل بهم ولغة التخاطب الوحيدة بينهم في كل ما يحيط بهم هي العربية، فكان لزاما على غير العربي أن تكون لغته العربية مهما عالج في ذلك وعانى، كما كان لزاما على العربي أن يترفق بغير العربي ويتريث معه في التخاطب، ضرورة التعاون بين الطرفين فكل منهما يسمع من الآخر، والسمع سبيل الملكات اللسانية فما اللغة إلا وليدة المحاكاة وما يصل إلى السمع.

وبطول هذا الامنزاج تسرب الضعف إلى نحيزة العربي وسليقته، على أن غير العربي كان ينزع قسرا عنه إلى بني جلدته، وإن طال لبثه بين ظهراني العرب، فقد كان في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- صهيب يرتضخ الرومية، وسلمان الفارسية، وبلال وسحيم عبد بني الحسحاس الحبشية.

وتولد من هذا كله أن اللغة العربية تسرب إليها اللحن، ووهنت الملاحظة الدقيقة التي تمتاز بها وهي اختلاف المعاني طوعا لاختلاف شكل آخر الكلمة، فإن هذه الميزة كانت موفورة لديهم وهم يعبدون عن مخالطة سواهم من ذوي اللغات الأخرى التى خلت منها.

ولقد كان هذا النوع أول اختلال طرأ على اللغة العربية، منذ كان الإسلام، وكان الموالي والمتعربون، وطفق يزداد رويدا رويدا ما طال الزمن وتفسحت رقعة الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015