وثنى عنه الظبا مخمورة ... والكؤوس الروس والدم المداما

قلب الطرف به فكراً تجد ... ديمة تجري وضرغاما شهاما

وأخا الفضل إذا ما انسجمت ... سحبه أخجل سحبان نظاما

أبحر الدنيا إذا ما سجلت ... جوده أقعدها الفخر وقاما

لو أتاه يوم حشر سائل ... وهو لا يملك إذ ذاك حطاما

لتلقاه بأعلى همة ... وحباه بالذي صلى وصاما

أيها المولى الذي من ربه ... سمي المولى وسميت الغلاما

لا تضعني وأجد تربيتي ... تلفني إذ صدق الجد تماما

واهن بالعيد الذي أنت بنا ... مثله في الدهر فضلاً واحتراما

والقه شكراً ببشر إذ أتى ... بعد أن صمت فوفيت الصياما

واسم واسلم بالمعالي مقصداً ... نحوك الخلق رجاءً تترامى

وقال أيضاً وهي قصيدة تشتمل على أنواع من البديع:

قلبي وطرفك منصوب ومكسور ... كلاهما مطلق منا ومأسور

ناديت دمع جفوني كي ترخمه ... يا مستغاثي مالي عنك تحذير

حاكى فؤادي منك الوجه وافترقا ... فذاك نار لتعذيبي وذا نور

قدري وقدرك مخفوض ومنتصب ... والثغر والدمع منظوم ومنثور

بخفض قدري فيك الناس تعرفني ... وهكذا الحب تعريف وتنكير

شعر

قد أعرب الحب نحواً بيننا حسناً ... فالشعر والشعر مرفوع ومجرور

يا طرف من نبهت قلبي محاسنه ... ذكري كسيفك في الآفاق مشهور

ينجاب ذو الجهل عني حين يبصرني ... كأنما أنا صبح وهو ديجور

لو رمت فخراً على المحبوب قلت له ... دمعي وثغرك ياقوت وبلور

أصناف جونة عطار بطالعته ... فحاله عنبر والخد كافور

أقام سوق الهوى خد له أبداً ... لحبة القلب فيه اليوم تعسير

لا ترج مني امتناعاً عن محبته ... له على فلك المريخ تدوير

أبدى ضروب بديع طرفه فله ... في فتية العشق تصريح وتشطير

حمت لواحظه معسول ريقته ... ياكوثراً منعتنا ورده الحور

تقول إن صدقتنا القول مقلته ... يا محرمي العشق إني كعبة زوروا

قد أخلصت كيمياء الحب وجنته ... كأنها للهوى العذري إكسير

لو لم يكن كيمياء ما تسير لل ... أنفاس والدمع تصعيد وتقطير

يحيا بجعفر دمع فضل وفي ... أنا الرشيد به والقلب مسرور

يا دمع مقلتي الكشاف أنت لفي ... تقدير للحب تأويل وتفسير

وسعت للدمع أشكالاً خلفت بها ... اقليدساً ولها في الخد تحرير

لله مجلساً الغصن يعطفه ... من نسمة الصبح تقديم وتنأخير

والنهر جسم بثوب الزهر ملتحف ... والزهر برد من الريحان مسرور

فصل الربيع إذا ما العشق وافقه ... القلب فيه وللأشجار تقطير

وللسماء التباس بالرياض لما ... حكت كواكبها منها التصاوير

والزهوة الورد والسعد الشقائق وال ... مجمرة النهر والجوزاء منثور

تصرفت بي أيامي لتنقصني ... فما تغيرت والتصريف تغيير

لا ينفع المرء تدبير يهذبهُ ... إلا إذا عضد التدبير تقدير

شعر

محمد عبد الله النجفي ومن رجال (السلافة) أيضاً الشيخ محمد بن عبد الله النجفي المالكي من ذرية مالك بن الأشتر، قال في حقه: ذو النسب الأشتري، والأدب البحتري، سماء فضل مشرق البروج، وحديقة أدب مزهزة المروج، وطود حلم لا تزعزعه الرياح، وبحر علم لا يغبض لممتاح، طلع في سماء البيان سراجا، وعلا في السبع الطباق منها معراجا، ونه إلى معاقل المعاني ببلاغته ففتحها، وشرع أرشية أقلامه إلى قلب البديع فمتحها، ونظم في أسلاك القريض دره المنتقى، وأجرى سلسال ترسله ين العذيب والنقى إلى أخلاق وشمائل، قال منها في رياض وخمائل، وصفاء سريرة وضمير، كرع منه في عذب نمير، إن ذكرت الفتوة فهو شيخها وفتاها، أو المروة فهو مصيفها ومشتاها، ولقد عاشرته سفراً وحضراً، فألفيته على العسر كما قال الشنفرى:

فلا جزع من خلة متكشف ... ولا رمح تحت الغنى متخيل

ثم ذكر من نثره ما تهتز له الأعطاف طرباً، وترشفه الأذواق ضرباً وأثبت من شعره ما كتبه من أصبهان إلى أصحابه بالعزي:

أيا ريح هل باكرت حي بني بكر ... فقد هاج شوقي ما بطيك من نثر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015