العين

1 - العادات الشعبية

لغة: العادات جمع عادة، والعادة: كل ما اعتيد حتى صار يفعل من غير جهد، والعادة: الحالة تتكرر على نهج واحد (1).

والشعبية نسبة إلى شعب، والشعب: الجماعة الكبيرة ترجع لأب واحد، وهو أوسع من القبيلة، والشعب: الجماعة من الناس تخضع لنظام اجتماعى واحد وتتكلم لسانا واحدا كما فى الوسيط (2).

واصطلاحا: يقصد بالعادات الشعبية أو السنن Folkways السلوك المكتسب الذى يشترك فيه أفراد شعب معين، وهى معايير ذات قيمة اجتماعية، من شأنها أن تثير رد فعل فى المجتمع، يتمثل فى الفزع والاستهجان والاستياء، الأمر الذى يبرر توقيع جزاءات على المخالف الذى يعتدى على حرمتها.

والعادات الشعبية يتلقنها الفرد من الآخرين بحسب المقتضيات والمناسبات الاجتماعية، ولذا فهى تختلف عن العادات الفردية التى يكتسبها الفرد وفقا لحاجته، مما يعنى أنها لا تقوم الا كعلاقة اجتماعية، تعمل على الانسجام مع مثيلاتها، نتيجة للتكرار الدائم لبعض الأفعال التى تصدر عن عدد كبير من أفراد المجتمع فى مواقف معينة فتبدو العادات الشعبية من ثم ذات صبغة جمعية تنمو تلقائيا، وتظهر بالتدريج حتى تتمكن من النفوس، وتصبح أشبه بالدستور غير المكتوب الذى يتمتع بقوة الإلزام.

وهناك غير قليل من التداخل بين هذا المصطلح ومصطلحات العرف، والعادة المستحدثة، والتقليد، وما إلى ذلك من الممارسات الاجتماعية التى لا تخضع إلى التقنين.

ولعل أهم ما يميز العادات الشعبية أنها تلب دورا هاما فى بقاء المجتمع الإنسانى واستمراره عن طريق تحديدها لأنماط الفعل وقواعد السلوك واللياقة، كما أنها كثيرا ما تقاوم العادات المستحدثة خاصة تلك التى تكون تعبيرا عن نزوات الساعة، إضافة إلى أنها مكملة للقانون وتمهد لظهوره، وإن اختلفت عنه من حيث التلقائية فى الظهوروالسرعة فى الجزاء.

ومع ذلك فلم يعد مصطلح العادات الشعبية مما يتوافق مع المجتمعات التى قطعت شوطا بعيدا فى التغير الاجتماعى والثقافى، ولكنها تلب دورا كبيرا فى تلك المجتمعات التى تتسم بالبساطة، وإن كان من المهم القول مع ذلك بأن هناك بعض هذه العادات التى تبدو منافعها وصلاحيتها، مما يلزم معه وضعها فى دائرة البحث للتعريف الأعمق بها وبإيجابياتها وسلبياتها؛ لما لها من أهمية فى تنظيم الحياة الاجتماعية، على اعتبار أن السنن هى آخر الأمرالمناهج العامة التى تتخذ كطريقة للمعيشة، مما يوجد ضميرا عاما يربط الجماعة بمقاييس واحدة فيما يجوز وما لا يجوز، وهو ما يوجد فى النهاية ذلك الحياء الذى وصفه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه شعبة من الإيمان، الذى من بين وظائفه توحيد العادات العامة، وإسباغ طريقة للحياة يمارسها الجميع بشكل واحد،،وهو ما يكسب الحياة الإسلامية قدرة خاصة على التحمل وعلى المقاومة، باعتبار أن توحد العادات يؤدى إلى توحد الفهم والقضاء على المنازعات، نظرا لمعرفة الجميع مقدما بما يجب فعله فى مختلف المناسبات.

أ. د/محمود أبوزيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015