فَهِيَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْكِتَابَةِ أَكْثَرَ مِنْهُ بِكَثِيرٍ فَمُبَاحَةٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِالسُّوءِ وَالْإِذَايَةُ فَمَكْرُوهَةٌ إنْ كَانَتْ سِعَايَتُهُ مِنْ حَرَامٍ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: " أَهْلُ تَبَرُّعٍ " هُوَ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ، وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِهَا فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ: الْمَكَاتِبُ، وَالْمُكَاتَبُ وَالصِّيغَةُ، وَالْعِوَضُ، فَالْأَوَّلُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُمْ أَهْلُ التَّبَرُّعِ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وَتَصِحُّ كِتَابَتُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمَرِيضُ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إذَا لَمْ يُحَابَيَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِكَاتَبْتُكَ وَنَحْوُهُ بِكَذَا)

ش: هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي، وَهُوَ الصِّيغَةُ قَالَ فِي اللُّبَابِ: هُوَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الصِّيغَةُ مِثْلُ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: مِثْلُ كَاتَبْتُكَ يَعْنِي، وَأَنْتَ مُكَاتَبٌ أَوْ مُعْتَقٌ عَلَى نَجْمَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَلَّ مِنْ النُّجُومِ أَوْ كَثُرَ وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ قَالَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَخْتَارُ جَعْلَهَا فِي نَجْمَيْنِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ جُزَيٍّ وَنَقَلَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَوْلًا بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا فِي نَجْمَيْنِ انْتَهَى.

[تَنْبِيه الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ، وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا، وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَقُولَ لَهُ مَوْلَاهُ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ جَمِيعَ كِتَابَتِك فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ فِعْلِهِمَا وَقَصْدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَاهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ جُزَيٍّ: لِأَنَّ لَفْظَ الْكِتَابَةِ يَتَضَمَّنُ الْحُرِّيَّةَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَفْظُ كَاتَبْتُكَ لَيْسَ صَرِيحًا فَلَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت إنْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ لِدَوَرَانِ الْكِتَابَةِ بَيْنَ الْمُخَارَجَةِ وَالْكِتَابَةِ بِالْقَلَمِ فَلَا يَنْصَرِفُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُشْتَهِرٌ فِي الْفَرْقِ فِي الْكِتَابَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ انْتَهَى. فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ بِاللَّفْظِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ لَهُ مَوْلَاهُ: إذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ، وَأَنَّ التَّنْجِيمَ الْمُشْتَرَطَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ فِي نَجْمٍ وَاحِدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ)

ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015