قَبْلَ وُجُوبِهَا كَالْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ مَثَلًا إنَّمَا هُوَ إذَا حَضَرَتْ الْجَدَّةُ أَوْ الْخَالَةُ وَأَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِإِسْقَاطِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا مِنْ الْحَضَانَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُشْهِدْ عَلَى نَفْسِهَا بِذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ: إنَّ الْأُمَّ إذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْحَضَانَةِ بِشَرْطٍ فِي عَقْدِ الْمُبَارَأَةِ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْجَدَّةِ أَوْ الْخَالَةِ، وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ: الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْقُطَ حَقُّ الْجَدَّةِ بِتَرْكِ الْأُمِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ يَسْقُطُ بِذَلِكَ حَقُّ الْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَلَا كَلَامَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إمْضَاءِ نَقْلِ ذِي حَضَانَةٍ إيَّاهَا لِغَيْرِهِ عَلَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ مَعَ أَخْذِهِ مِنْ قَوْلِهَا: إنْ صَالَحَتْ زَوْجَهَا عَلَى كَوْنِ الْوَلَدِ عِنْدَهُ جَازَ وَكَانَ أَحَقَّ بِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدَّةٌ، وَنَقَلَهُ قَائِلًا: كَالشُّفَعَاءِ لَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ تَسْلِيمُهَا لِشَرِيكِ غَيْرِهِ أَحَقِّ بِهَا مِنْهُ. اللَّخْمِيّ إنْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ أَخَذَتْهُ الْجَدَّةُ ثُمَّ أَحَبَّتْ أَنْ تُسَلِّمَهُ لِأُخْتِهِ لِأَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّهُ أُقْعَدُ مِنْهَا، وَإِنْ أَمْسَكَتْهُ ثُمَّ طَلُقَتْ الْأُمُّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ رَدِّهِ لِأُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ.

(قُلْت:) إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا عَلَى أَنَّ تَزْوِيجَ الْأُمِّ لَا يُسْقِطُ حَضَانَتَهَا دَائِمًا، بَلْ مَا دَامَتْ زَوْجَةً، انْتَهَى.

ص (إلَّا لِكَمَرَضٍ)

ش: أَيْ فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ سَنَةً وَنَحْوَهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ، وَحَكَى فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا خِلَافًا فِيمَا إذَا مَاتَ هَلْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ مِمَّنْ تَصِيرُ إلَيْهِ الْحَضَانَةُ بَعْدَهُ أَمْ لَا، وَنَصُّ كَلَامِهِ: (مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْت مَالِكًا قَالَ فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَرَدَّتْهُ عَلَيْهِ اسْتِثْقَالًا لَهُ ثُمَّ طَلَبَتْهُ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّهَا إذَا رَدَّتْهُ إلَيْهِ اسْتِثْقَالًا لَهُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي حَضَانَتِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَضَانَةَ مِنْ حَقِّ الْمَحْضُونِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَلَوْ كَانَتْ إنَّمَا رَدَّتْهُ إلَيْهِ مِنْ عُذْرِ مَرَضٍ أَوْ انْقِطَاعِ لَبَنِهَا لَكَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ إذَا صَحَّتْ أَوْ عَادَ إلَيْهَا اللَّبَنُ عَلَى مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ تَرَكَتْهُ بَعْدَ أَنْ زَالَ الْعُذْرُ حَتَّى طَالَ الْأَمَدُ السَّنَةَ وَشَبَهَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ، وَاخْتُلِفَ إنْ مَاتَ هَلْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ مِمَّنْ تَصِيرُ إلَيْهِ الْحَضَانَةُ بَعْدَهُ، قَالَ فِي آخِرِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّهُ رَأَى تَرْكَهَا إيَّاهُ عِنْدَ أَبِيهِ إسْقَاطًا مِنْهَا لَحَقِّهَا فِي حَضَانَتِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا لَهُ عِنْدَ أَبِيهِ إنَّمَا يُحْمَلُ مِنْهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِلْأَبِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إذَا قَامَتْ الْجَدَّةُ بَعْدَ السَّنَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَرَضَ عَلَيْهَا فَأَبَتْ مِنْ أَخْذِهِ، وَهَذَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ وَالْإِذْنِ أَمْ لَا، وَهُوَ أَصْلٌ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

ص (وَلِلْحَاضِنِ قَبْضُ نَفَقَتِهِ)

ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلِمَنْ الْوَلَدُ فِي حَضَانَتِهِ مِنْ أُمٍّ وَغَيْرِهَا أَنْ تَأْخُذَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَلَدُ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ: هُوَ يَأْكُلُ عِنْدِي ثُمَّ يَعُودُ إلَيْكِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْوَلَدِ وَعَلَى الْحَاضِنَةِ إذْ الْأَطْفَالُ يَأْكُلُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَتَبَ شَبْحَرَةُ لِسَحْنُونٍ فِي الْخَالَةِ الْحَاضِنَةِ إذَا قَالَ الْأَبُ: إنَّهَا تَأْكُلُ مَا أُعْطِيهِ، وَطَلَبَ الْأَبُ أَنَّهُ يَأْكُلُ عِنْدَهُ وَيُعَلِّمُهُ، فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ، فَجَعَلَ لِلْحَاضِنَةِ أَنْ يَأْوِيَ إلَيْهَا فَقَطْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَعَلَّهُ ظَهَرَ صِدْقُهُ فِي السُّؤَالِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ هَذَا التَّفْصِيلَ نَصًّا فِي الْعُتْبِيَّةِ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سَحْنُونٍ نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ أَيْضًا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015