تدبُّر القرآن، واستنباط معانيه وهداياته، فتجد الواحد منهم يذهب بعيدًا في قصصٍ وأخبارٍ ليقرِّر قضيةً معيَّنةً، ولو تدبَّر كتاب الله، لوجدها فيه.

وقد بلغني عن شيخنا العلامة محمد بن صالحٍ العثيمين رحمه الله أنَّه قال: ما من حكمٍ في الشرع إلا ويجد الإنسان في القرآن حكمه إما صراحةً أو إشارةً، ولكنَّ هذا يحتاج إلى تأمُّلٍ وتدبُّرٍ، وهو يتَّفق مع ما قاله مسروقٌ رحمه الله.

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (?):

«ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بلَيلِه إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون».

إنَّها وصيَّةٌ مختصرةٌ بليغةٌ، تحكي ما ينبغي أن يكون عليه صاحب القرآن من الهدي الحسن، والسَّمت الصالح، الذي هو ترجمةٌ عمليَّةٌ لأثر القرآن عليه، فإن خلا من ذلك، فما الفرق بينه وبين الذي لم يكرمه الله بحفظ القرآن في صدره؟!

إنَّ هذه الموعظة حلقةٌ في سلسلةٍ طويلةٍ من تربية السلف لأتباعهم على قضيةٍ كبرى كانت تشغلهم، ألا وهي قضية: العمل بالعلم، والخوف من اتِّصاف صاحب العلم بما عاب الله به اليهود الذين لا يعملون بعلمهم، كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله: «من فسد من علمائنا، ففيه شبهٌ من اليهود، ومن فسد من عبَّادنا، ففيه شبهٌ من النَّصارى» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015