بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَقَفَ قَوْمٌ عَلَى عَالِم فَقَالُوا: إِنَا سَائِلُوكَ أَفَمُجِيبُنَا أَنْتَ؟ قَالَ: سَلُوا وَلا تُكْثِرُوا، فَإِنَّ النَّهَارَ لَنْ يَرْجِعَ وَالْعُمُرَ لَنْ يَعُودَ، وَالطَّالِبَ حَثِيثٌ فِي طَلَبِهِ. قَالُوا: فَأَوْصِنَا. قَالَ: تَزَوَّدُوا عَلَى قَدْرِ سَفَرِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّاد مَا أَبْلَغَ الْبُغْيَةَ. ثُمَّ قَالَ: الأَيَّامُ صَحَائِفُ الأَعْمَارِ فَخَلّدُوهَا أَحْسَنَ الأَعْمَال، فَإِنَّ الْفُرَصَ تَمُرُّ مَرَّ السَحَابِ، والتَّوَانِي مِنْ أَخْلاقَ الْكُسَالَى وَالْخَوَالِفِ، وَمَنِ اسْتَوْطَنَ مَرْكَبَ الْعَجْزِ عَثَرَ بِهِ. وَتَزَوَّجَ التَّوَانِي بِالْكَسَلِ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا الْخُسْرَانُ. أ. هـ. قَالَ بَعْضُهُمْ:

تَزَوَّجَتِ الْبَطَالَةَ بالتَّوَانِي ... فَأَوْلَدَهَا غُلامًا مَعَ غُلامِهْ

فَأَمَّا الابْن سَمُّوه بِفَقْرٍ ... وَأَمَّا الْبِنْت سَمُّوهَا نَدَامَة

آخر: ... يَا سَاكَنَ الدُّنْيَا تَأَهْبْ ... وَانْتَظِرْ يَوْمَ الْفُرَاقِ

وَأَعَدَّ زَادًا لِلرَحِيلِ ... فَسَوْفَ يُحْدَى بِالرِّفَاقِ

وَابْكِ الذُّنُوبَ بِأَدْمُعٍْ ... تَنْهَلْ مِنْ سَحب الْمَآقِ

يَا مَنْ أَضَاعَ زَمَانَهُ ... أَرَضِيتَ مَا يَفْنَى بِبَاقٍ

آخر: ... أُقَلِّبُ كَُتْبًا طَالَمَا قَدْ جَمَعْتُهَا ... وَأَفْنَيْتُ فِيهَا الْعَيْن وَالْعَيْن وَالْيَدَا

وَأَصْبَحْتُ ذَا ظَنٍ بِهَا وَتَسَمَّكٍ ... لِعِلْمِي بِمَا قَدْ صُغْتُ فَيهَا مُنَضَّدَا

واحْذَرْ جهدي أَنْ تَنَالَ بِنَائِلٍ ... مهِين وَأََنْ يُغتالها غائل الردى

واعْلَمْ حَقًّا أَنَّنِي لَسْتُ بَاقِيًا ... فَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ يقلبها غَدًا

الْمُرَاقَبَةُ فِي ثَلاثَةِ أَشْيَاءٍ: مُرَاقَبَةُ اللهِ فِي طَاعَته بِالْعَمَل الَّذِي يُرْضِيه، وَمُرَاقَبَةُ اللهِ عِنْدَ وُرُودِ الْمَعْصِيةِ بِتَرْكِهَا، وَمُرَاقَبَةُ اللهِ فِي الْهَمِّ وَالْخَوَاطِرِ وَالسِّرّ وَالإِعْلانِ. قَالَ تَعَالَى:

{وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّ لمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015