وَالذِينَ أَثْنَوْا عَلَى سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ وَعَلَى سَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ التَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَوْا وَقَدْ جَمَعَ النَّاسُ فَضَائِلَهُمْ وَعُنُوا بِسِيَرِهِمْ وَأَخَبَارِهِمْ، فَمَنْ قَرَأَ [فَضَائِلَهُمْ] وَفَضَائِلَ مَالِكٍ وَفَضَائِلَ الشَّافِعِيِّ وَفَضَائِلَ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعُنِيَ بِهَا، وَوَقَفَ عَلَى كَرِيمِ سِيَرِهِمْ وَسَعَى فِي الإِقْتِدَاءِ بِهِمْ، وَسَلَكَ سَبِيلِهِمْ فِي عِلْمِهِمْ وَفِي سَمْتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَمَلاً زَاكِيًا نَفَعَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحُبِّهِمْ جَمِيعِهِمْ.

قَالَ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ» وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْ أَخْبَارِهِمْ إِلاَّ مَا نَذَرَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ عَلَى الحَسَدِ وَالهَفَوَاتِ وَالغَضَبِ وَالشَّهَوَاتِ دُونَ أَنْ يَعْنِيَ بِفَضَائِلِهِمْ وَيَرْوِي مَنَاقِبَهُمْ حُرِمَ التَّوْفِيقَ وَدَخَلَ فِي الغِيبَةِ وَحَادَ عَنِ الطَّرِيقِ جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِمَّنْ يَسْمَعُ القَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ.

وَقَدِ افْتَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ»، وَفِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ ... وَمَنْ صَحِبَهُ التَّوْفِيقُ أَغْنَاهُ مِنَ الحِكْمَةِ يَسِيرُهَا وَمِنَ المَوَاعِظِ قَلِيلُهَا إِذَا فَهِمَ وَاسْتَعْمَلَ مَا عَلِمَ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الوَكِيلُ.

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ رَحْمُونَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَكْرِ بْنِ دَاسَهْ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنَ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيَّ يَقُولُ: «رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ الشَّافِعِيَّ كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ إِمَامًا». انتهى باختصار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015