فهذا الإمام أبو الحجاج المزي كل ما ذكره في ترجمة أبي حنيفة في كتابه " تهذيب الكمال " إنما أخذه من كتاب " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا ذُكِرَ فيه من قَدْحِهِ أصلاً، عِلْمًا منه أن كلام من تكلم فيه إنما صدر عن هوى وعصبية، والإمام بَرِيءٌ عَمَّا رُمِيَ بِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، فلا ينبغي أن يذكر منه شيء.

وقد صَرَّحَ الإمام الذهبي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: «أَنَّ كِتَابَ " تَهْذِيبِ الكَمَالِ " يَنْبُوعُ مَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ» (?)، وقد أثنى على صنيعه هذا قائلاً:

«قَدْ أَحْسَنَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ حَيْثُ لَمْ يُورِدْ شَيْئًا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّضْعِيفُ». انتهى كما مَرَّ سَابِقًا (?).

وعلى منواله جرى من أتى بعده كالذهبي، وابن كثير، والحسيني، والبرهان الحلبي، وابن حجر، وكلهم من السادة الشافعية - رَحِمَهُمْ اللهُ تَعَالَى -، وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، إلا أن بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا - وهو الشيخ ناصر الدين الألباني - قد شَذَّ وَحَادَ عن الطريق فأخذ يَقَعُ في مثل هذا الإمام، وَيَتَكَلَّمُ في حفظه وإتقانه، وَيُضَعِّفُهُ وَيَرْمِيهِ بِسُوءِ الحفظ وينفي عنه الضبط والحفظ.

وَتَعَامَى عن نصوص مُوَثِّقِيهِ أمثال الإمام الحُجَّةِ الحافظ شيخ الإسلام أَبِي بِسْطَامََ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ الأَزْدِيِّ، والإمام العَلَمُ سَيِّدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015