رَضِيتُ مِنُكَ بِهَذا ... وَلَمْ أَرِدْ أَنْ أَحِيفاً

قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ: فَنُلْتُهُ دِرْهَماً، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ آذَنْتُ بِالدَّعْوَةِ وَسَنُعِدُّ وَنَسْتَعِدُّ، وَنَجْتَهِدُ وَنَجِدُّ، وَلَكَ عَلَيْنَا الوَعْدُ مِنْ بَعْدُ، وَهَذا الدِّرْهَمُ تَذْكِرةٌ مَعَكَ، فَخُذِ المَنْقُودَ، وانْتَظِرِ المَوْعُودَ، فَأَخَذَهُ وَصَارَ إِلى رَجُلٍ آخَرَ ظَنَنْتُ أََّنهُ يَلْقَاهُ بِمِثْلِ مَا لَقِيَنِي، فَقَالَ:

يا فَاضِلاً قَدْ تَبَدَّى ... كَأَنَّهُ الغُصْنُ قَدّاً

قَدِ اشْتَهى اللَّحْمض ضِرْسِي ... فَاجْلِدْهُ بِالخُبْزِ جَلْداً

وامنُنُ علَّي بِشَيءٍ ... واجْعَلْهُ لِلْوَقْتِ نَقْداً

أَطْلِقْ مِنَ اليِدِ خَصْراً ... واحْلُلُ مِنَ الكِيسِ عَقْدا

واضْمُمُ يَدَيْكَ لأَجْلي ... إِلَى جَنَاحِكَ عَمْداً

قَالَ عَيِسَى بْنُ هِشَامٍ: فَلَمَّا فَتَقَ سَمْعي مِنْهُ هَذا الكَلامُ، عَلِمْتُ أَنَّ وراءَهُ فَضْلاً، فَتَبِعْتُهُ َحَتَّى صَارَ إِلى أُمِّ مَثْواهُ، وَوَقَفْتُ مِنْهُ بِحَيْثُ لاَ يَراني وأَرَاهُ، وَأَمَاطَ السَّادَةُ لُثُمَهُمْ، فإِذَا زَعِيمُهُمْ أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَرِيُّ، فَنَظَرْتُ إِليهِ وَقُلْتُ: مَا هَذهِ الحِيلَةُ وَيْحَكَ؟ فأَنشأَ يَقُولُ:

هَذا الزَّمَانُ مَشُومُ ... كَمَا تَراهُ غَشُومُ

الحُمْقًَ فِيهِ مَلِيحٌ ... والعِقْلُ عَيْبٌ وَلُومُ

والمَالُ طَيْفٌ، ولكِنْ ... حَوْلَ اللئَّامِ يحومُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015