نتجاذَبُ أطْرافَ الأناشيدِ. ونَتوارَدُ طُرَفَ الأسانيدِ. إذْ وقَفَ بِنا شخْصٌ علَيْهِ سمَلٌ. وفي مِشيَتِهِ قزَلٌ. فقال: يا أخايِرَ الذّخائِرِ. وبشائِرَ العَشائِرِ. عِموا صَباحاً. وأنْعِموا اصطِباحاً. وانظُروا الى مَنْ كان ذا نَديّ ونَدًى. وجِدَةٍ وجَداً. وعَقارٍ وقُرًى. ومَقارٍ وقِرًى. فما زالَ بهِ قُطوبُ الخُطوبِ. وحُروبِ الكُروبِ. وشَرَرُ شرِّ الحَسودِ. وانْتِيابُ النّوَبِ السّودِ. حتى صفِرَتِ الرّاحَةُ. وقرِعَتِ الساحَةُ. وغارَ المنْبَعُ. ونَبا المَرْبَعُ. وأقْوى المجْمَعُ. وأقَضّ المضْجَعُ. واستَحالَتِ الحالُ. وأعْوَلَ العِيالُ. وخَلَتِ المَرابِطُ. ورَحِمَ الغابِطُ. وأودى النّاطِقُ والصّامِتُ. ورَثى لَنا الحاسِدُ والشّامِتُ. وآلَ بِنا الدّهرُ الموقِعُ. والفَقْرُ المُدْقِعُ. الى أنِ احْتَذيْنا الوَجى. واغْتذدَينا الشّجا. واستَبْطَنّا الجَوى. وطَوَيْنا الأحْشاءَ على الطّوى. واكْتَحَلْنا السُهادَ. واستَوطَنّا الوِهادَ. واستوطأن القتاد. وتناسينا الأقتاد، واستطبنا الحين المحتاج واستَبْطأنا اليومَ المُتاحَ. فهل من حُرٍّ آسٍ. أو سمْحٍ مُؤاسٍ؟ فوَالّذي استَخْرَجَني من قَيلَه. لقَد أمْسَيتُ أخا عَيْلَه. لا أمْلِكُ بيْتَ ليْلَه. قال الحارِثُ بنُ همّامٍ: فأوَيْتُ لمَفاقِرِه. ولوَطْتُ الى استِنْباطِ فِقَرِهِ. فأبْرَزتُ ديناراً. وقُلتُ لهُ اختِباراً: إنْ مدَحْتَهُ نَظْماً. فهوَ لكَ حتْماً. فانْبَرى يُنشِدُ في الحالِ. من غيرِ انتِحال:

أكْرِمْ بهِ أصفَرَ راقَتْ صُفرَتُهْ ... جوّابَ آفاقٍ ترامَتْ سَفرَتُهْ

مأثورَةٌ سُمعَتُهُ وشُهرَتُهْ ... قد أُودِعَتْ سِرَّ الغِنى أسرّتُهْ

وقارَنَتْ نُجحَ المَساعي خطرَتُه ... وحُبِّبَتْ الى الأنامِ غُرّتُهْ

كأنّما منَ القُلوبِ نُقْرَتُهْ ... بهِ يصولُ مَنْ حوَتْهُ صُرّتُهْ

وإنْ تَفانَتْ أو توانَتْ عِتْرَتُهْ ... يا حبّذا نُضارُهُ ونَضْرَتُهْ

وحبّذا مَغْناتُهُ ونصْرَتُهْ ... كمْ آمِرٍ بهِ استَتَبّتْ إمرَتُهْ

ومُتْرَفٍ لوْلاهُ دمَتْ حسْرَتُهْ ... وجيْشِ همٍّ هزمَتْهُ كرّتُهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015