الجرح والتّعديل معظمها أصلية متخصصة، وأنَّ أصحاب هذه الموارد عاصروا هؤلاء الرواة الذين قاموا بجرحهم أو تعديلهم.

ومنها -أيضًا-: أنَّ للإمام البيهقي أحكامًا خاصة على بعض الرواة لم يتكلم فيهم سواه، أو تُكُلِّم فيهم إلَّا أنَّ العلماء اعتمدوا قول البيهقي في جرحهم أو تعديلهم لقوته وسداده (?).

وَّلما كان البيهقي لم يصنِّف كتابًا في الجرح والتّعديل فإنّ هذه المحاولة البِكر في جمع نثار أحكامه النقدية تَسُدُّ هذا الفراغ. وتبرزُ قدرة هذا الإِمام في هذه الصناعة، وتقدم للباحثين والدراسين مصدرا جديدًا ومفيدًا في هذا المجال الهام.

وقد بلغت أحكامُهُ النقدية أكثر من ثلاثة آلاف مقالة موجهة لستمائة وبضع وعشرين راويًا .. ومعنى هذا: أنَّ البيهقي قد يصدر في الراوي الواحد عدة أقوال متباينة في دلالاتها، ومتسقة في هيكلها العام. فينتقد الراوي الذي وثقه في موطن سابق لوصمة تدليس أو إرسال أو انقطاع خفي ظهر منه في موطن آخر. وقد يوثِّق الراوي في حديثه عن جماعة ويضعفه في آخرين وفق منهج علم العلل. وقد يضعف الراوي في موضع ما، ثمَّ يُحَسِّن حديثه في موضع آخر لزوال علَّة تضعيفه من سوءِ الحفظ وكثرةِ الخطأ بوجود ما يشهد له على صحة روايته وسلامتها. ومن هنا تبرز قيمة هذه الأحكام النقدية لأنها جاءت معللة ومدللة ومسندة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015