فصل فيمن هو أفضل الأمة بعد رسول الله، وذكر الصحابة بمحاسنهم

الكلام على خلافة الصديق رضوان الله وسلامه عليه

[[الفصل الثاني عشر: فيمن هو أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الصحابة بمحاسنهم، والكف عن مساوئهم وما شجر بينهم، رضي الله عنهم]]

فَصْلٌ: فِي مَنْ هُوَ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَذِكْرِ الصَّحَابَةِ بِمَحَاسِنِهِمْ, وَالْكَفِّ عَنْ مُسَاوِيهِمْ وَمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:

أَهَمُّ مَا فِي هَذَا الْفَصْلِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ. وَالثَّانِيَةُ: فَضْلِ الصَّحَابَةِ وَتَفَاضُلِهِمْ بَيْنَهُمْ. وَالثَّالِثَةُ: تَوَلِّي أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلِ بَيْتِهِ سَلَامُ اللَّهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ وَمَحَبَّةُ الْجَمِيعِ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ. الرَّابِعَةُ: ذِكْرِهِمْ بِمَحَاسِنِهِمْ وَالْكَفِّ عَنْ مُسَاوِيهِمْ. وَالْخَامِسَةُ: السُّكُوتِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ وَأَنَّ الْجَمِيعَ مُجْتَهِدٌ. فَمُصِيبُهُمْ لَهُ أَجْرَانِ: أَجْرٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَأَجْرٌ عَلَى إِصَابَتِهِ, وَمُخْطِؤُهُمْ لَهُ أَجْرُ الِاجْتِهَادِ وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ.

[خِلَافَةُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] :

وَبَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ الشَّفِيقُ ... نِعْمَ نَقِيبُ الْأُمَّةِ الصِّدِّيقُ

ذَاكَ رَفِيقُ الْمُصْطَفَى فِي الْغَارِ ... شَيْخُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

وَهُوَ الَّذِي بِنَفْسِهِ تَوَلَّى ... جِهَادَ مَنْ عَنِ الْهُدَى تَوَلَّى

"وَبَعْدَهُ" أَيْ: بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَلِيفَةُ" لَهُ فِي أُمَّتِهِ "الشَّفِيقُ" بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ "نِعْمَ" فِعْلُ مَدْحٍ "نَقِيبُ" فَاعِلُ نِعْمَ, وَالنَّقِيبُ عَرِيفُ الْقَوْمِ وَأَفْضَلُهُمُ "الصِّدِّيقُ" هُوَ الْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ وَهُوَ النِّقَابَةُ مِنْهُ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ.

وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُرَّةَ التَّيْمِيُّ, أَوَّلُ الرِّجَالِ إِسْلَامًا, وَأَفْضَلُ الْأُمَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, فَلْنَسُقِ الْكَلَامَ أَوَّلًا فِي خِلَافَتِهِ, ثُمَّ فِي مَقَامَاتِهِ أَيَّامَ خِلَافَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

فَأَمَّا خِلَافَتُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَقْدِيمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهُ إِمَامًا فِي الصَّلَاةِ مَقَامَهُ أَيَّامَ مَرَضِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَائِشَةَ بِأَلْفَاظٍ, وَعَنْ جَمَاعَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015