وَتقدم أستاذ الدَّار أَن يمْضِي جَمِيع أَرْبَاب الدولة إِلَى مَكَان دَفنه وَحمل جَمِيع مَا كَانَ خَلفه من مَال وخيل ورقيق إِلَى المخزن الْمَعْمُور وَكَانَ ابْن البُخَارِيّ قد وهب لبَعض مماليكه بعض أملاكه فَأخذت مِنْهُم الْكتب وَأخذت الْأَمْلَاك وَكَانَ أستاذ الدَّار قد حزن عَلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ احتوى على مَا كَانَ لَهُ من مطالعات يطالعه بهَا وَلَا يَشْتَهِي أَن يظْهر عَلَيْهَا أحد وَكَانَ أستاذ الدَّار يعْمل أَشْيَاء وَلَا يحب أَن يطلع عَلَيْهَا الْخَلِيفَة وَكَانَ أستاذ الدَّار يطْلب من ابْن البُخَارِيّ مَا كَانَ يكاتبه بِهِ من مطالعة وَغَيرهَا فَيَقُول ذَلِك قد غسلته ويتركه عِنْده لوقت حَاجته فَلَمَّا مَاتَ رأى تِلْكَ اللَّيْلَة الخطوط وَلم يغسلهَا فَعلم أَنه كَانَ يُرِيد قَتله ففرح حِينَئِذٍ بِمَوْتِهِ

وفيهَا أنعم الْخَلِيفَة على مُحَمَّد بن يحيى بِجَمِيعِ الأَرْض والبستان المجاور لمحلة قطفتا والأرحاء على نهر عِيسَى فعمر جَمِيع الْبُسْتَان وَعمر فِيهِ دَارا حَسَنَة وَعمر ملاصق الْبُسْتَان خانات وَعمر أَيْضا دَارا حَسَنَة لبيع الْغَزل وَصَارَ هُنَاكَ سوق حسن لم يعرف من قبل وَسَأَلَ الْخَلِيفَة أَن يعْمل هُنَاكَ نَهرا وَيجْرِي فِيهِ المَاء إِلَى الْبُسْتَان الْمَذْكُور إِلَى الْخَانَات من محوله يزدجرد فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فَلَمَّا وصل المَاء إِلَى الْمَوَاضِع رغب النَّاس فِي ذَلِك الْموضع وَصَارَت محلّة من محَال بَغْدَاد فِيهَا البيع وَالشِّرَاء ومحط القوافل وَجعل مُحَمَّد بن يحيى الْفراش يحمل إِلَى الْبُسْتَان من سَائِر الْأَشْجَار ويغرس فِيهِ فأينع وأثمر وَوصف للخليفة فَمضى إِلَيْهِ وَأقَام فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَة فَرَآهُ موضعا حسنا نزها وَكَانَت أَكثر فُرْجَة أهل بَغْدَاد على نهر عِيسَى وَكَانَ الخيفة كثير الترداد إِلَى ذَلِك الْموضع وَكَانَ فِي تِلْكَ الدَّار الَّتِي فِي الْبُسْتَان روشن حسن الْبناء فَكَانَ الْخَلِيفَة يجلس فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015