السنة الرابعة والخمسون وست مئة

فيها فتح الملك النَّاصر يوسف مدرسته التي أنشأها بدمشق بباب الفراديس، وحَضَرَ النَّاصر والأمراء والقضاة والفقهاء، [ولم يتخلف أحدٌ غيري، وبعث إليَّ الملك الناصر، وسألني الحضور، فامتنعت بسبب تشويش مزاج عرض لي] (?).

وفيها غَرِقَتْ بغداد الغرق الشَّنيع الذي لم يُعهد مثله، بحيث انتقل الخليفة إلى دار المسناة، ودخل الماء إلى دار الوزير، ودار الخليفة، وخرج [خالي] (1) محيي الدين بن الجوزي من دار الخليفة، وضرب خيمة على تلٍّ عالٍ، وجلس بأهله فيها، وغرقت خزائن الخليفة [والذخائر] (1)، وجرى شيءٌ لم يجرِ مثله، وكان ذلك في شهر ربيع الأول.

وفي جمادى الآخرة (?) قَدِمَ الصريمي الخارج على صاحب مِصْر إلى دمشق منهزمًا قد نهب ماله بالصعيد، وقُتلَ رجاله، فأنزلوه في مدرسة عز الدين على الشرف، فقال للفقهاء: اعذروني، فإنهم يخلوا لي الجوسق الذي على الميدان، وما انتقل إليه إلا على طالع. وأحضر المنجم، وأخذ له الطَّالع، وانتقل إلى الجوسق.

وفيها شَرَعَ الملك النَّاصر يوسف في عمارة تُرْبةٍ غربيِّ قاسيون.

وفيها توفي

الشيخ عماد الدين عبد الله بن النحاس (?)

الزَّاهد، العابد، الورع، المجاهد، خَدَمَ الملوك، ووزر بالعجم، وانقطع في آخر عمره بقاسيون بزاويته، فأقام ثلاثين سنة صائمًا [قائمًا] (1)، مشغولًا بالله تعالى، وبقضاء الحوائج للنَّاس بنفسه وماله، ودفن بقاسيون [وهو الذي قال له ابن شيخ الشيوخ فخر الدين لما لامه: والله لأسبقنك إلى الجنة بمدة، وسبقه فخر الدين] (1)، رحمه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015