"إن حكمة الكنيسة المسيحية هدت آباءها الأولين إلى قبول ما لم يستطيعوا له منعا من قديم العادات والتقاليد والمعتقدات"!! " بدليل استقبال الكنيسة لمبدأ تعدد الآلهة الراسخ بين شعوب البحر الأبيض المتوسط، وتطويع ذلك المبدأ لما تقتضيه عقائدها1.

ويقول رينان الفيلسوف الفرنسي:

"إنه ينبغي لفهم تعليم يسوع المسيح الحقيقي كما كان يفهمه هو أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الكاذبة التي شوهت وجه التعليم المسيحي حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام. ويرجع بحثنا إلى أيام بولس الذي لم يفهم تعليم المسيح بل حمله على محمل آخر ثم مزجه بكثير من تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم. وبولس كما لا يخفى كان رسولا للأمم، أو رسول الجدال والمنازعات الدينية، وكان يميل إلى المظاهر الخارجية الدينية كالختان وغيره، فأدخل أمياله هذه على الدين المسيحي فأفسده. ومن عهد بولس ظهر التلمود المعروف بتعاليم الكنائس. وأما تعليم المسيح الأصلي الحقيقي فخسر صفته الإلهية الكمالية، بل أصبح إحدى حلقات سلسلة الوحي التي أولها منذ ابتداء العالم وآخرها في عصرنا الحالي، والمستمسكة بها جميع الكنائس، وإن أولئك الشراح والمفسرين يدعون المسيح إلها دون أن يقيموا على ذلك الحجة، ويستندون في دعواهم على أقوال وردت في خمسة أسفار: موسى والزبور، وأعمال الرسل ورسائلهم، وتآليف آباء الكنيسة، مع أن تلك الأقوال لا تدل أقل دلالة على أن المسيح هو الله2.

ويقول برنتن:

"إن المسيحية الظافرة في مجمع نيقية -وهي العقيدة الرسمية في أعظم إمبراطورية في العالم- مخالفة كل المخالفة لمسيحية المسيحيين في الجليل3 ولو أن المرء اعتبر العهد الجديد التعبير النهائي عن العقيدة المسيحية لخرج من ذلك قطعا لا بأن مسيحية القرن الرابع تختلف عن المسيحية الأولى فحسب، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015