، أصوله، {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} [الفتح: 29] أَعْجَبَ ذَلِكَ زُرَّاعَهُ، هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْإِنْجِيلِ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَلِيلًا، ثُمَّ يَزْدَادُونَ وَيَكْثُرُونَ. قَالَ قَتَادَةُ: مَثَلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْإِنْجِيلِ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ قَوْمٌ يَنْبُتُونَ نَبَاتَ الزَّرْعِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقِيلَ: الزَّرْعُ مُحَمَّدٌ والشطء أصحابه والمؤمنون، {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] أَيْ إِنَّمَا كَثَّرَهُمْ وَقَوَّاهُمْ لِيَكُونُوا غَيْظًا لِلْكَافِرِينَ. قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: مَنْ أَصْبَحَ وَفِي قَلْبِهِ غَيْظٌ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ أصابته هَذِهِ الْآيَةَ. {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ} [الفتح: 29] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِي مِنَ الشَّطْءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الزَّرْعُ، وَهُمُ الدَّاخِلُونَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الزَّرْعِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَرَدَّ الْهَاءَ وَالْمِيمَ عَلَى مَعْنَى الشَّطْءِ لَا عَلَى لَفْظِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: منه، {مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29] يعني الجنة. والله أعلم.

[سورة الحجرات]

قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين

[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ] يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. . .

(49) سورة الحجرات [1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] قَرَأَ يَعْقُوبُ: (لَا تقدَّموا) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالدَّالِ، مِنَ التَّقَدُّمِ أَيْ لَا تَتَقَدَّمُوا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ، مِنَ التَّقْدِيمِ، وهو لازم بمعنى التقدم، مثل بين وتبين، وقيل: هو متعد على ظاهره والمفعول محذوف، أي: لا تقدموا القول بالفعل بين يدي الله ورسوله. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ تَقُولُ الْعَرَبُ: لَا تَقَدَّمْ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ وَبَيْنَ يَدَيِ الْأَبِ، أَيْ لَا تعجل بالأمر والنهي دونه، ومعنى: بَيْنَ الْيَدَيْنِ الْأَمَامُ وَالْقُدَّامُ: أَيْ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ أَمْرِهِمَا وَنَهْيِهِمَا. وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ فِي الذَّبْحِ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَهُوَ قَوْلُ الحسين، أَيْ لَا تَذْبَحُوا قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَذَلِكَ أَنَّ نَاسًا ذَبَحُوا قَبْلَ صَلَاةِ النَّبِيِّ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا الذبح، وَرَوَى مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، أَيْ لَا تَصُومُوا قَبْلَ أن يصوم نبيكم. وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي نَاسٍ كَانُوا يَقُولُونَ لَوْ أُنْزِلَ في كذا، وصُنع فِي كَذَا وَكَذَا، فَكَرِهَ اللَّهُ ذلك. وقال مجاهد: لا تفتئوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَيْءٍ حَتَّى يَقْضِيَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي فِي الْقِتَالِ وَشَرَائِعِ الدِّينِ لَا تَقْضُوا أَمْرًا دُونَ اللَّهِ ورسوله. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحجرات: 1] فِي تَضْيِيعِ حَقِّهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} [الحجرات: 1] لأقوالكم، {عَلِيمٌ} [الحجرات: 1] بِأَفْعَالِكُمْ.

[2] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2] أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَجِّلُوهُ وَيُفَخِّمُوهُ وَلَا يرفعوا أصواتهم عنه وَلَا يُنَادُونَهُ كَمَا يُنَادِي بَعْضُهُمْ بعضا، {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: 2] لِئَلَّا تَحْبَطَ حَسَنَاتُكُمْ. وَقِيلَ: مَخَافَةَ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015