التَّاءِ فِيهِمَا رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: (لِآيَاتٍ) وَهُوَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِرَفْعِهِمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِنَّ لِي عَلَيْكَ مَالًا وَعَلَى أَخِيكَ مَالٌ، يَنْصِبُونَ الثَّانِي وَيَرْفَعُونَهُ، {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية: 4] أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ.

[5] {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ} [الجاثية: 5] يَعْنِي الْغَيْثَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ أَرْزَاقِ الْعِبَادِ، {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الجاثية: 5]

[6] {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} [الجاثية: 6] يُرِيدُ هَذَا الَّذِي قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ نَقُصُّهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ} [الجاثية: 6] بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ، {وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 6] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَعْقُوبُ: (تُؤْمِنُونَ) بِالتَّاءِ عَلَى مَعْنَى قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ تُؤْمِنُونَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ.

[7] {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الجاثية: 7] كَذَّابٍ صَاحِبِ إِثْمٍ يَعْنِي النَّضِرَ بْنَ الْحَارِثِ.

[8، 9] {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} [الجاثية: 8] {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا} [لقمان: 7] {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا} [الجاثية: 8 - 9] قَالَ مُقَاتِلٌ: مِنَ الْقُرْآنِ {شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [الجاثية: 9] وَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ رَدًّا إِلَى كُلِّ فِي قَوْلِهِ: {لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الجاثية: 7]

[10] {مِنْ وَرَائِهِمْ} [الجاثية: 10] أمامهم، {جَهَنَّمُ} [الجاثية: 10] يَعْنِي أَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا مُمَتَّعُونَ بِأَمْوَالِهِمْ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ النَّارُ يَدْخُلُونَهَا، {وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا} [الجاثية: 10] مِنَ الْأَمْوَالِ، {شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} [الجاثية: 10] وَلَا مَا عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْآلِهَةِ، {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الجاثية: 10]

[11] {هَذَا} [الجاثية: 11] يعني هذا القرآن، {هُدًى} [الجاثية: 11] بَيَانٌ مِنَ الضَّلَالَةِ، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} [الجاثية: 11] 12،

[13] {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجاثية: 12 - 13] وَمَعْنَى تَسْخِيرِهَا أَنَّهُ خَلَقَهَا لِمَنَافِعِنَا، فَهُوَ مُسَخَّرٌ لَنَا مِنْ حَيْثُ إِنَّا نَنْتَفِعُ بِهِ، {جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَمِيعًا مِنْهُ كُلُّ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنْهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ ذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنْهُ وَإِحْسَانٌ. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية: 13]

قوله تعالى قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون

[قوله تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ] أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. . .

[14] {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الْجَاثِيَةِ: 14] أَيْ لَا يَخَافُونَ وَقَائِعَ اللَّهِ وَلَا يُبَالُونَ نِقْمَتَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ شَتْمَهُ بِمَكَّةَ فهمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ يَبْطِشَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَمَرُهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ. وقال القرظي والسدي: نزل فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015