عكرمة: هذا الْحَطَبُ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي يَرْمُونَ بِهِمْ فِي النَّارِ كما يرمى بالحصب. وأصل الحصب المرمي، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [الْقَمَرِ: 34] أَيْ رِيحًا تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ، وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: حَطَبُ جَهَنَّمَ، {أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] أَيْ فِيهَا دَاخِلُونَ.

[99] {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ} [الأنبياء: 99] يعني الأصنام، {آلِهَةً} [الأنبياء: 99] على الحقيقة، {مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99] أَيْ مَا دَخَلَ عَابِدُوهَا النَّارَ، {وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99] يَعْنِي الْعَابِدَ وَالْمَعْبُودِينَ.

[100، 101] {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ - إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 100 - 101] قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ ههنا بمعنى إلا معناه: إِلَّا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى، يَعْنِي السَّعَادَةَ وَالْعِدَّةَ الْجَمِيلَةَ بالجنة، {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] قِيلَ: الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: عَنِيَ بِذَلِكَ كُلَّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهُوَ لِلَّهِ طَائِعٌ ولعبادة من يعبده كاره.

[102] {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102] يَعْنِي صَوْتَهَا وَحَرَكَةَ تَلَهُّبِهَا إِذَا نَزَلُوا مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَالْحِسُّ وَالْحَسِيسُ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ، {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: 102] مُقِيمُونَ كَمَا قَالَ: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزَّخْرُفِ: 71]

[103] {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [النَّمُلِ: 87] قَالَ الْحَسَنُ: حِينَ يُؤْمَرُ بِالْعَبْدِ إِلَى النَّارِ. قَالَ ابْنُ جريج: حين يذبح الموت وتنادي: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ أَنْ تُطْبِقَ عَلَيْهِمْ جَهَنَّمُ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْهَا مَنْ يُرِيدُ أن يخرجه. {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [الأنبياء: 103] أَيْ تَسْتَقْبِلُهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُهَنِّئُونَهُمْ، وَيَقُولُونَ: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103]

[قوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ] . . . . .

[104] {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104] اختلفوا فِي السِّجِلِّ، فَقَالَ السُّدِّيُّ، السِّجِلُّ مَلَكٌ يَكْتُبُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، وَاللَّامُ زائدة، أي كطي السجل الكتب كَقَوْلِهِ: {رَدِفَ لَكُمْ} [النَمْلِ: 72] اللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْأَكْثَرُونَ: السِّجِلُّ الصَّحِيفَةُ لِلْكُتُبِ أَيْ لِأَجْلِ مَا كُتِبَ، مَعْنَاهُ: كَطَيِّ الصَّحِيفَةِ عَلَى مَكْتُوبِهَا، وَالسِّجِلُّ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمُسَاجَلَةِ وَهِيَ المكاتبة، والطي الدَّرْجُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ النَّشْرِ، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] أَيْ كَمَا بَدَأْنَاهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا كَذَلِكَ نُعِيدُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 94]

[105] {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015