[124] {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} [طه: 124] يَعْنِي الْقُرْآنَ فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ، {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] ضيقًا قيل: هو عذاب القبر وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الزَّقُّومُ وَالضَّرِيعُ وَالْغِسْلِينُ فِي النَّارِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ الْحَرَامُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الْكَسْبُ الْخَبِيثُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: الشَّقَاءُ. ورُوي عَنْهُ أَنَّهُ قال. كل ما أُعْطِيَ الْعَبْدُ قَلَّ أَمْ كَثُرَ فَلَمْ يَتَّقِ فِيهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُوَ الضَّنْكُ فِي الْمَعِيشَةِ، وَإِنَّ أَقْوَامًا أَعْرَضُوا عَنِ الْحَقِّ وَكَانُوا أُولِي سَعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا مُكْثِرِينَ فَكَانَتْ مَعِيشَتُهُمْ ضَنْكًا، وَذَلِكَ أنهم يرون الله ليس بمختلف لهم فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ مَعَايِشُهُمْ مِنْ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِاللَّهِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَسْلُبُهُ الْقَنَاعَةَ حَتَّى لَا يَشْبَعَ، {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. أَعْمَى الْبَصَرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْمَى عَنِ الْحُجَّةِ.

[قوله تعالى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا] . . . .

[125] {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} [طه: 125] بِالْعَيْنِ أَوْ بَصِيرًا بِالْحُجَّةِ.

[126] {قَالَ كَذَلِكَ} [طه: 126] أَيْ كَمَا {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126] فَتَرَكْتَهَا وَأَعْرَضَتْ عَنْهَا، {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 126] تُتْرَكُ فِي النَّارِ. قَالَ قَتَادَةُ: نسُوا مِنَ الْخَيْرِ وَلَمْ يُنْسَوْا من العذاب.

[127] {وَكَذَلِكَ} [طه: 127] أَيْ وَكَمَا جَزَيْنَا مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ، {نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ} [طه: 127] أَشَرَكَ، {وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ} [طه: 127] مِمَّا يُعَذِّبُهُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا والقبر، {وَأَبْقَى} [طه: 127] وأدوم.

[128] {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} [طه: 128] يُبَيِّنْ لَهُمُ الْقُرْآنُ يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ، {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} [طه: 128] دِيَارِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ إِذَا سَافَرُوا، وَالْخِطَابُ لِقُرَيْشٍ كَانُوا يُسَافِرُونَ إِلَى الشَّامِ فَيَرَوْنَ دِيَارَ الْمُهْلَكِينَ مَنْ أَصْحَابِ الحجر وثمود وقريات قوم لُوطٍ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} [طه: 128] لِذَوِي الْعُقُولِ.

[129] {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} [طه: 129] فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ: وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لزامًا وأجلا مُسَمًّى، وَالْكَلِمَةُ الْحُكْمُ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ، أَيْ وَلَوْلَا حُكْمٌ سَبَقَ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ وَأَجَلٌ مُسَمًّى وَهُوَ الْقِيَامَةُ لَكَانَ لِزَامًا، أَيْ لَكَانَ الْعَذَابُ لَازِمًا لَهُمْ كَمَا لَزِمَ الْقُرُونَ الْمَاضِيَةَ الْكَافِرَةَ.

[130] {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [طه: 130] نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: 130] أَيْ صَلِّ بِأَمْرِ رَبِّكَ. وَقِيلَ: صلِّ لله بالحمدلة وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: 130] يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ، {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] صَلَاةَ الْعَصْرِ، {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} [طه: 130] ساعاتها واحدها أنى، {فَسَبِّحْ} [طه: 130] يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] يَعْنِي صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَسَمَّى وَقْتَ الظُّهْرِ أَطْرَافَ النَّهَارِ لِأَنَّ وَقْتَهُ عند الزوال، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015