الْكِتَابِ مُجْتَمِعِينَ فِي تَصْدِيقِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ، فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِي أَمْرِهِ وَاخْتَلَفُوا، فَآمَنَ بِهِ بعضهم، وكفر آخرون. ثُمَّ ذَكَرَ مَا أُمِرُوا بِهِ فِي كُتُبِهِمْ فَقَالَ:

[5] {وَمَا أُمِرُوا} [البينة: 5] يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ، {إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} [البينة: 5] يَعْنِي إِلَّا أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أُمِرُوا في التوراة والإنجيل إلا بإخلاص العبادة لله موحدين {حُنَفَاءَ} [البينة: 5] مَائِلِينَ عَنِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا إِلَى دين الإسلام، {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البينة: 5] الْمَكْتُوبَةَ فِي أَوْقَاتِهَا {وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [البينة: 5] عند محلها، {وَذَلِكَ} [البينة: 5] الَّذِي أُمِرُوا بِهِ، {دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] أي الملة والشريعة المستقيمة. وَقِيلَ: الْقَيِّمَةُ هِيَ الْكُتُبُ الَّتِي جَرَى ذِكْرُهَا، أَيْ وَذَلِكَ دِينُ الْكُتُبِ الْقَيِّمَةِ فِيمَا تَدْعُو إِلَيْهِ وتأمر به.

[6] ثُمَّ ذَكَرَ مَا لِلْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6]

[7 - 8] {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ - جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 7 - 8] وَتَنَاهَى عَنِ الْمَعَاصِي، وَقِيلَ: الرِّضَا يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ رِضًا بِهِ وَرِضًا عَنْهُ، فَالرِّضَا بِهِ: رَبًّا وَمُدَبِّرًا، وَالرِّضَا عَنْهُ: فِيمَا يَقْضِي ويقدر.

[سورة الزلزلة]

قوله تعالى إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت

[قوله تعالى إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ] الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا. . .

(99) سورة الزلزلة [1] {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} [الزلزلة: 1] حُرِّكَتِ الْأَرْضُ حَرَكَةً شَدِيدَةً لِقِيَامِ الساعة، {زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] تحريكها.

[2] {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: 2] مَوْتَاهَا وَكُنُوزَهَا فَتُلْقِيهَا عَلَى ظَهْرِهَا.

[3] {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا} [الزلزلة: 3] ؟ قِيلَ: فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تقديره:

[4] {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] فَيَقُولُ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا، أَيْ تُخْبَرُ الْأَرْضُ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا.

[5] {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5] أَيْ أَمَرَهَا بِالْكَلَامِ وَأَذِنَ لَهَا بِأَنْ تُخْبِرَ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا.

[6] قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} [الزلزلة: 6] يَرْجِعُ النَّاسُ عَنْ مَوْقِفِ الْحِسَابِ بعد العرض، {أَشْتَاتًا} [الزلزلة: 6] مُتَفَرِّقِينَ فَآخِذُ ذَاتِ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ وَآخِذُ ذَاتِ الشِّمَالِ إِلَى النار {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} [الزلزلة: 6] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِيُرَوْا جَزَاءَ أَعْمَالِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَنِ الْمَوْقِفِ فِرَقًا لِيَنْزِلُوا مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

[7] {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [الزلزلة: 7] وَزْنَ نَمْلَةٍ صَغِيرَةٍ أَصْغَرَ مَا يَكُونُ مِنَ النَّمْلِ. {خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]

[8] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ عَمِلَ خَيْرًا أَوْ شرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015