حديث لا نكاح إلا بولي - رواية ودراية

د. صلاح الدين بن أحمد الإدلبي

المدرس بكلية الدراسات العربية والإسلامية بدبي

ملخص البحث

المرأة المسلمة الصالحة القانتة يخطبها الخاطب إلى وليها، فيستأمرها الولي أو يستأذنها في أن يعقد لها عقد زواجها، فإذا رضيت الخاطب زوّجها منه وليها، ويمنعها الحياء أن تفكر بتزويج نفسها دون أن يعقد لها الولي أو من يأذن له.

ولكن هل من حقها أن تفعل؟! وهل لها الحق في أن تزوج نفسها دون الولي كما لها الحق في أن تتصرف بأموالها؟!

جمهور العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين على أنها لا تملك ذلك، وأنه لا بد من الولي أو من يأذن له الولي في عقد النكاح، وذهب نفر من أهل العلم إلى أنه يجوز لها ذلك إذا زوجت نفسها من كفء، لكنه لا يستحب. ولكن ألم يأت الحديث عن رسول الله (أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) ؟! فهل صح سنده وثبتت نسبته؟

هذا ما دفعني إلى خوض غمار هذا البحث والكتابة في هذا الحديث: أولا من حيث الرواية بجمع طرقه وتتبع أسانيده، وثانيا: من حيث الدراية بدراسة تلك الأسانيد المتعددة الكثيرة لمعرفة ما صح سنده منها، ثم كان لا بد من استعراض مناقشة الإمام الطحاوي رحمه الله للاستدلال بهذا الحديث، وبيان رجحان ما فهمه الجمهور منه.

* * *

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة سيدنا محمد الصادق الأمين. وعلى آله الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل منها ببناء الأسرة المسلمة، وإقامة هذه اللبنة من لبنات صرح المجتمع الإسلامي.

ولا يمكن أن تنشأ الأسرة المسلمة إلا في ظل نظام الزواج، المؤسس على ما يرضي الله تعالى ورسوله ((والله ورسوله أحق أن يرضوه ( [التوبة 6] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015