يخرج منها مؤمناً صادقاً ومخلصاً صريحاً وبطلاً عظيماً فلا كتب كاتب ولا قرأ قارئ.

وقد ترجم هذا الكتاب إلى العربية أخونا الكاتب النابغة الضليع محمد السباعي واحتفل في هذه الترجمة إيما احتفال وتأنق أيما تأنق حتى تشابه الأصل والترجمة وتشاكل الأمر.

فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر

وقد طبع هذا الكتاب على نفقة مكتبة البيان ووقع في نيف وأربعمائة صحيفة وهذه فاتحة الكتاب

إنما يضمني وإياكم هذا المقام وتواليه للكلام شيئاً عن عظماء الرجال ومظاهرهم في مسارح الحياة والأشكال التي تشكلوها في تاريخ البشر وآراء الناس فيهم وماذا أحدثوا من الأعمال - للكلام عن الأبطال وعما استقبلهم به أهالي أزمانهم وعما صنعوا هم من جلائل الأمور - ولعل هذا مبحث عويص لا أرانى موفيه حقه - مبحث لعمر الله قصى الغاية يشق على نزع الخواطر مرماه ويقع وراء جهد الأوهام منتهاه وما ظنكم بمبحث هو التاريخ بحذافيره إذ في اعتقادي أن التاريخ العام - تاريخ ما أحدث الإنسان في هذا العالم - إنما هو تاريخ من ظهر في الدنيا من العظماء فهم الأئمة وهم المكيفون للأمور وهم الأسوة والقدوة وهم المبدعون لكل ما وفق إليه أهل الدنيا وكل ما بلغه العالم وكل ما تراه قائماً في هذا الوجود كاملاً متقناً فاعلم أنه نتيجة أفكار أولئك العظماء الذين اصطفاهم الله وأرسلهم إلى الناس ليؤدي كلٌّ ما ناطته به القدرة الالهية من الخير. فروح تاريخ العالم إنما هو تاريخ أولئك الفحول وظني أنه مبحث لن يسعه هذا المقام!

بيد أن من أسباب العزاء أن في ذكرى العظماء كيفما كانت نفعاً وفائدة والرجل العظيم لا يزال بعد موته ينبوع نور يتدفق فليس أحسن من مجاورته شيء - نور يضيء وكان يضيء ظلمات الحياة وليس هو كسراج أشعل ولكنما نجم شبته يد الله بين أشباهه من كواكب الأفق هو كما قلت ينبوع نور يتدفق بالحكمة ومعاني الرجولة والشرف الكبير وهو الذي شعاعه أنس الأرواح وروح النفوس ومتعة الخواطر واليس في ظني أن أحداً منكم يحجم برهة عن ورود تلك المناهل العذبة كيفما كان طريق المورد ويقيني أن نظرة في تواريخ الأبطال الشتي الصنوف الذين أنا آخذ الآن في سرد سيرهم جديرة أن تكون بمثابة نظرة في مخ تاريخ البشر وصميم لبابه. وما أسعدني لو أستطيع في مثل هذا العصر الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015