الضمير، بل لقد بلغ هذا الجرح من أعشار فؤادي حتى لقد أصبحت لا أدري كيف أعيش بعد اليوم وفي قلبي ذلك السرطان الأليم، ولكن بضع كلمات سقطت من شفتي ابنتي - فتاني اليانعة هيلين ذات الربيع السادس عشر - كانت كافية لكي تنتاشني من حمأة تلك الجريمة التي ارتكبتها. . . .

كنت قد أدبت ابنتي أحسن التأديب، واجتهدت في أن أراعيها وأحضنها أفضل الرعاية والحضانة إذ أردت أن لا أستوجب الملامة أن أكون أمّاً سيئة، وأن كنت زوجاً مرذولة، ولعل قليلات من الفتيات نعمن في الحياة بما نعمت به هيلين على يدي من التهذيب والتأديب والرعاية، حتى لقد كنت إذا جن جنوني في حب لوسيان وذهبت فيه المذاهب، وتابعت النفس مستسلمة، لا ألبث حتى أعود إلى هدوئي وأرجع إلى نفسي، إذا رأيت ابنتي وشغلني شاغل صحتها وهنائها وبهجتها، وكذلك مضيت أرعاها، وهي تكبر وتخرج عن كمها، وتزدهي وتتفتح وردتها، ولقد استخدمت لكي أخدع يقظة عينيها الصافيتين الساجيتين، تينكما العينين الطفلتين الرانيتين، من الحيل والوسائل أكثر مما استخدمت منها لكي أخدع زوجي وأخفي عنه الحقيقة، ولقد كان يلذلي - وأنا الأثيمة الملوثة الروح - أن اعمل على نماء طهر تلك الروح الناصعة البريئة البيضاء الأديم، فما أوشكت تناهز العاشرة حتى نزعتها من أحضاني وأسلمتها إلى حضانة المدرسة في معهد ساكن تحف الفضيلة به، وكانت لا تخرج من المدرسة إلا مرة في كل شهر، وكانت تقيم بيننا في كل عام خمسة عشر يوماً في إجازتها السنوية، ثم تنثني عنا فتشخص إلى الريف لترويح النفس عند جدتها، ولا ريب أن العلاقة بيني وبين لوسيان في خلال تلك الفترة تهن وييبس ثراها، وكنت أبتهج ويطير الفرح بفؤادي إذ أراها تجري إلى النماء عذبة جميلة طاهرة، لا تعرف شيئاً من مناكر الحياة ومفاسدها، ولعل هذا الفرح هو الذي منعني من قبل، وشغلني عن أعرف وخز الضمير ولذعاته. . . . . .

كان على هيلين أن تعود ضحى أمس إلى المعهد وكان بيني وبين لوسيان متعد في مغربه، وأنا لا أنكر أنني قد أدركت الآن الفظاعة الشنعاء وهو أن أخلط في حياتي الأمومة بالخنا ولكنني لم أتألم حتى الآن بل كنت أنظر بغيرة وشغف إلى هيلين، ولو اقتضت الحال أن أضحي كل علاقة بيني وبين لوسيان في سبيلها، لما ونيت أن فعلت، ولكنني إذ كنت أراها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015