مجله البيان (صفحة 5158)

كلمتنا إلى العابثين بالأمن

التحرير

في الوقت الحرج الذي يتربص فيه الأعداء بهذه الأمة الدوائر، وينزلون بساحتها في العراق وفلسطين وأفغانستان، ويجلبون بخيلهم ورجلهم لحرب هذه الأمة حرباً شاملة على عقيدتها وفكرها وأخلاقها، تتواصل أعمال التدمير والتفجير العبثية في بلاد الحرمين الشريفين لتحصد مزيداً من الدماء والأنفس المعصومة، وتثير مزيداً من الاضطراب والقلق الأمني.

إن حرمة هذه الأرض المقدسة بدهية مسلَّمة في حسِّ كل مسلم يتقي الله ـ تعالى ـ ويُعظم حرماته، خاصة في الأشهر الحرم. قال الله ـ عز وجل ـ: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج: 30] .

كما أن حرمة الدماء والأموال والأعراض ثابتة بقطعيات النصوص الشرعية في الكتاب والسنة، لا يجوز لأحد أن يتطاول عليها بتأويل أو تحريف، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أعظم أيام الإسلام في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» (?) .

ورعاية أمن هذا البلد رعاية لدين الله ـ عز وجل ـ وتأمين لأهله، وتأمين للعمَّار والحجاج من العباد الذين تتعلق أفئدتهم بالبيت العتيق، ورعاية هذا الأمن مسؤوليتنا جميعاً يجب أن نتواصى به، وننأى بهذه الأرض المقدسة عن كل ما يكدرها، ونربأ بأنفسنا عن استباحة حرمتها والعياذ بالله. قال الله ـ عز وجل ـ: {ومَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] ، وهذا خبر بمعنى الأمر.

ومعاذَ الله أن تكون تلك التصرفات الخرقاء جهاداً كما يزعم مدَّعوها، بل هي إساءة للإسلام وظلم للمسلمين وتشويه لديننا الحنيف في أعين الآخرين وإلقاء للنفوس في التهلكة، ولهذا اتفقت كلمة العلماء والدعاة، والخاصة والعامة، على التحذير من هذه الأعمال المستنكرة.

وتتابع هذه الأحداث يجعلنا نؤكد أن تربية شباب الأمة على منهاج النبوة الذي لم تكدِّره شوائب الأهواء والضلالات هو الذي يحفظهم من طرفي الغلو والجفاء.

والله نسأل أن يحفظ لأمتنا دينها وحرماتها وأمنها، وأن يحفظها من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015