الشباب الراغب في الالتحاق بالثورة، وكان يجمع المال والسلاح ويرسله للمجاهدين (?)، حيث إن الشيخ العربي التبسي - رحمه الله - قام بتوزيع المهام على مشايخ ودعاة الجمعية من أجل التعبئة المادية والمعنوية لجهاد المستدمر الفرنسي الصليبي الحقود، وقد أوكل له الشيخ العربي التبسي مهمة الخطابة في المسجد العتيق (ببلكور) (?) آنذاك مع مزاولة عمله في المدرسمة التهذيبية في (سانت أوجين) (بولوغين حاليا).

في هذه الفترة كان الشيخ لا يزال يقيم في مدينة (السحاولة)، حيث كان يتنقل منها إلى (بلكور) رفقة ابن عمه لإلقاء خطب الجمعة (?)، وفي جمعة من جمعات رمضان عام 1375هـ / الموافق لـ أفريل سنة 1956م، وبعد ارتقاء الشيخ للمنبر فوجئ بالبوليس الفرنسي عند مدخل المسجد يطلبون منه النزول لأجل اعتقاله (?).

وقد ذكر الشيخ لأحد المقربين منه إنه لما ابتدأ خطبة الجمعة إذ بـ (البوليس الفرنسي) عند مدخل المسجد، ولم يقتحموه وأشاروا إليه أن أنزل من المنبر بقولهم ( descend descend)، ولكنه رفض وأبى إلا أن يتم خطبته، وبعد الصلاة اقتادوه إلى مركز الاستنطاق، وزجوا به في زنزانة مدة أسبوع كامل، وأفاده كذلك - رحمه الله - أنهم قد نسوه بها؛ ولا ندري إن كانوا نسوه حقيقة أم كان أمرا مدبرا كي يموت جوعا، ولكن الله عز وجل سلم، فقد أدخل الشيخ معه- كما ذكر - قطعة خبز كان يأكل منها مدة أسبوع حتى فتحوا عليه الزنزانة (?).

بعدها نقل الشيخ إلى مركز عسكري في العاصمة؛ وكان هذا المركز يجمع فيه السجناء ويقسمون في أفواج ويرسلون إلى السجون عبر القطر الجزائري. لم تعلم عائلة الشيخ بمكانه آنذاك، حتى وصلتهم رسالة منه يعلمهم فيها أنه في سجن (البرواقية).

قاسم الشيخ العرباوي - رحمه الله - في سجن (البرواقية) ثلة من المشايخ، كالشيخ أحمد سحنون، والشيخ مصباح الحويذق رحمهم الله.

مما يذكره العم عبد الرحمن العرباوي فيما حدثه عنه الشيخ عن فترة سجن (البرواقية) أن النخبة هنالك كانت تعلم المساجين أمور دينهم ومبادئ اللغة العربية.

أمضى الشيخ في (البرواقية) ثلاث سنوات نقل بعمها إلى معتقل (بوسوي بوهران) رفقة رفاق الدعوة والجهاد الشيخ مصباح والشيخ سحنون.

لبث الشيخ في (بوسوي) قرابة السنة والنصف، ثم نقل إلى سجن (آركول)، لكن لم تطل مدة مكثه في هذا الأخير، ليطلق سراحه ويوضع تحت الإقامة الحبرية في مسكنه بالسحاولة، ثم انتقلت العائلة إلى مدينة (بلكور) وبقي كذلك تحت الإقامة الجبرية إلى غاية افتكاك الجزائر لحريتها (?).

وأشرقت شمس الاستقلال واندحر المستدمر ... لكن مسيرة الإصلاح لم تنته:

إلتحق الشيخ - رحمه الله - بصفوف المعلمين في المدارس الجزائرية، دون أن يهمل مهمته الأخرى وهي الوعظ والإرشاد، فكان إماما متطوعا في مسجد النصر بـ (باب الوادي) (?)، ومعلما ومرشدا بجامع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015