وأبادوها ثم على قزوين ومرو ونيسابور حتى وصلت جيوشهم بغداد وهناك قامت المذابح ودمرت المدن بكاملها واستمر القتل بضعا وثلاثين يوما حتى تعفنت الشوارع من الجثث المرمية فيها ولا يستطيع القلم أن يصف في هذه العجالة ما جرى من محن وبلاء ويكفينا أن نقتطف كلمة المؤرخ الإسلامي الشهير ابن الأثير المتوفى 630هـ حيث كتب لنا عن تلك الحوادث المروعة وقلبه يتفطر ألما وحسرة ولا يجري القلم بما يكن في الصدر.

يقول ابن الأثير1: "لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك فياليت أمي لم تلدني وياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا - إلى أن قال - وهذا الفصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى التي عقت الأيام والليالي عن مثلها وعمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم منذ أن خلق الله تعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وهؤلاء لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء والرجال والأطفال وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة فإنا لله وإنا إليه راجعون" إلى آخر ما كتبه رحمه الله بكل حسرة وندامة2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015