لسان الحكام (صفحة 127)

وَعتق الْمُكْره والسكران وَاقع لصدور الرُّكْن من الْأَهْل فِي الْمحل كَمَا فِي الطَّلَاق وَقد بَيناهُ من قبل فِي فصل الطَّلَاق

وَإِن أعتق حَامِلا عتقت وَعتق حملهَا تبعا لَهَا إِذْ هُوَ مُتَّصِل بهَا وَإِن أعتق الْحمل خَاصَّة عتق دونهَا وَولد الْأمة من مَوْلَاهَا حر لِأَنَّهُ مَخْلُوق من مائَة فَيعتق عَلَيْهِ

وَإِذا أعتق الْمولى بعض عَبده عتق ذَلِك الْقدر وَيسْعَى فِي بَقِيَّة قِيمَته لمَوْلَاهُ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يعْتق كُله واصله أَن الْإِعْتَاق يتَجَزَّأ عِنْده فَيقْتَصر على مَا أعتق وَعِنْدَهُمَا لَا يتَجَزَّأ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى

وَإِذا كَانَ العَبْد بَين شَرِيكَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه عتق فَإِن كَانَ مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن شَرِيكه قيمَة نصِيبه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فَإِن ضمنه رَجَعَ الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَإِن أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا

وَإِن كَانَ الْمُعْتق مُعسرا فالشريك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَالْوَلَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَيْسَ لَهُ إِلَّا الضَّمَان مَعَ الْيَسَار أَو السّعَايَة مَعَ الْإِعْسَار وَلَا يرجع الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق

وَمن أعتق عَبده على مَال فَقبل العَبْد عتق وَذَلِكَ مثل أَن يَقُول أَنْت حر على ألف دِرْهَم أَو بِأَلف دِرْهَم وَإِنَّمَا يعْتق بقبوله لِأَنَّهُ مُعَاوضَة المَال بِغَيْر المَال إِذْ العَبْد لَا يملك نَفسه وَمن قَضِيَّة الْمُعَاوضَة ثُبُوت الحكم وَثُبُوت الحكم بِقبُول الْعِوَض فِي الْحَال كَمَا فِي البيع فَإِذا قبل صَار حرا وَمَا شَرط دين عَلَيْهِ حَتَّى تصح الْكفَالَة بِهِ

وَمن قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي على ألف دِرْهَم فالقبول بعد الْمَوْت لإضافة الايجاب إِلَى مَا بعد الْمَوْت فَصَارَ كَمَا لَو قَالَ أَنْت حر غَدا على ألف دِرْهَم بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنْت مُدبر على ألف دِرْهَم حَيْثُ يكون الْقبُول إِلَيْهِ فِي الْحَال لِأَن ايجاب التَّدْبِير فِي الْحَال إِلَّا أَنه لَا يجب المَال لقِيَام الرّقّ قَالُوا لَا يعْتق فِي مَسْأَلَة الْكتاب وَإِن قبل بعد الْمَوْت مالم يعتقهُ الْوَارِث لِأَن الْمَيِّت لَيْسَ بِأَهْل لِلْعِتْقِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح

إِذا قَالَ الْمولى لمملوكه إِذا مت فَأَنت حر أَو أَنْت حر عَن دبر مني أَو أَنْت مُدبر وَقد دبرتك فقد صَار مُدبرا لَا يُبَاع وَلَا يُوهب ويستخدم ويستؤجر وَالْأمة تُوطأ وَتنْكح

وَإِذا مَاتَ الْمولى عتق الْمُدبر من ثلث مَاله لِأَن التَّدْبِير وَصِيَّة فتنفذ من الثُّلُث حَتَّى لَو لم يكن لَهُ مَال غَيره سعى فِي ثُلثَيْهِ وَإِن كَانَ على الْمولى دين سعى فِي كل قِيمَته لتقدم الدّين على الْوَصِيَّة وَلَا يُمكن نقض الْعتْق فَيجب رد قِيمَته وَولد الْمُدبرَة مُدبر

وَإِن علق التَّدْبِير بِمَوْتِهِ على صفة مثل أَن يَقُول إِن مت من مرضِي أَو سَفَرِي أَو من مرض كَذَا فَلَيْسَ بمدبر وَيجوز بَيْعه لِأَن السَّبَب لم ينْعَقد فِي الْحَال لتردده فِي تِلْكَ الصّفة بِخِلَاف الْمُدبر الْمُطلق لِأَنَّهُ تعلق عتقه بِمُطلق الْمَوْت وَهُوَ كَائِن لَا محَالة وَإِن مَاتَ الْمولى على الصّفة الَّتِي ذكرهَا عتق كَمَا يعْتق الْمُدبر وَمَعْنَاهُ من الثُّلُث لِأَنَّهُ يثبت حكم التَّدْبِير فِي آخر جُزْء من أَجزَاء حَيَاته لتحَقّق تِلْكَ الصّفة فَلهَذَا يعْتَبر من الثُّلُث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015