لسان الحكام (صفحة 124)

وَفِي الذَّخِيرَة وَلَا فرق بَين أَن يكون الْأَب قَادِرًا على الْكسْب أَو لم يكن فَإِنَّهُ تجب نَفَقَته على الْوَلَد بعد أَن يكون مُحْتَاجا

وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه اله تَعَالَى أَن الْأَب إِذا كَانَ كسوبا وَالِابْن أَيْضا كسوبا يجْبر الابْن على الْكسْب وَالنَّفقَة على الْأَب وَذكر شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي رَحمَه الله أَنه لَا يجْبر الابْن على نَفَقَة الْأَب إِذا كَانَ الْأَب كسوبا قَادِرًا بِكَسْبِهِ واعتبره بِذِي الرَّحِم الْمحرم فَإِنَّهُ لَا يسْتَحق النَّفَقَة فِي كسب قَرِيبه وَلَا على قَرِيبه الْمُوسر إِذا كَانَ كسوبا

وَنَفَقَة كل ذِي رحم محرم سوى الْوَالِدين وَالْولد وَاجِبَة على قدر الْمِيرَاث كالاخوة وَالْأَخَوَات والأعمام والعمات والأخوال والخالات إِذا كَانَ صَغِيرا فَقِيرا أَو كَانَت امْرَأَة بَالِغَة فقيرة أَو كَانَ ذكرا فَقِيرا زَمنا أَو أعمى وَهَذَا عندنَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى لَا تجب نَفَقَة هَؤُلَاءِ غير أَن مَالِكًا قَالَ لَا تجب الا نَفَقَة الْأَب الْأَدْنَى وَالأُم الدانية وَالْولد الصلبي فَلَا تجب نَفَقَة ولد الْوَلَد وَلَا نَفَقَة الْجد وَلَا نَفَقَة الْجد عِنْده

وَفِي المنبع وَتجب نَفَقَة الْبِنْت الْبَالِغَة وَالِابْن الزَّمن على الْأَبَوَيْنِ أَثلَاثًا على الْأَب الثُّلُثَانِ وعَلى الْأُم الثُّلُث لِأَن ميراثهما على هَذَا الْقدر

قَالَ صَاحب الْهِدَايَة رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا الَّذِي ذكره رِوَايَة الْخصاف وَالْحسن وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة كل النَّفَقَة على اأب لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ} فصارا كَالْوَلَدِ الصَّغِير اه هَذَا إِذا كَانَ الْأَب مُوسِرًا فَإِن كَانَ مُعسرا وَالأُم موسرة أمرت بِأَن تنْفق من مَالهَا على الْوَلَد وَيكون ذَلِك دينا على الْأَب إِذا أيسر

وَيجب على الْأَب نَفَقَة زَوْجَة ابْنه إِذا كَانَ صَغِيرا فَقِيرا أَو كَبِيرا زَمنا لِأَن ذَلِك من كِفَايَته وَفِي الْمُحِيط وَيجْبر الابْن على نَفَقَة زَوْجَة أَبِيه ذكره هِشَام عَن أبي يُوسُف

وَفِي الْبَزَّاز قَالَ الْحلْوانِي وَإِذا كَانَ الابْن من أَبنَاء الْكِرَام وَلَا يستأجره النَّاس فَهُوَ عَاجز وَكَذَا طلبة الْعلم إِذا كَانُوا عاجزين عَن الْكسْب لَا يَهْتَدُونَ إِلَيْهِ لَا تسْقط نفقاتهم عَن آبَائِهِم إِذا كَانُوا مشتغلين بالعلوم الشَّرْعِيَّة لَا بالخلافيات الرَّكِيكَة وهذيانات الفلاسفة وبهم رشد وَإِلَّا لَا تجب وَلَا تجب نَفَقَة مَعَ اخْتِلَاف الدّين لبُطْلَان أَهْلِيَّة الْإِرْث فَلَا بُد من اعْتِبَاره وَلَا تجب على الْفَقِير لِأَنَّهَا صلَة وَهُوَ يَسْتَحِقهَا على غَيره فَكيف تسْتَحقّ عَلَيْهِ بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة وَولده الصَّغِير لِأَنَّهُ التزمها بالإقدام على العقد إِذْ الْمصَالح لَا تنتظم دونهَا وَلَا يعْمل فِي مثلهَا الْإِعْسَار ثمَّ الْيَسَار مُقَدّر بالنصاب فِيمَا روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله أَنه مُقَدّر بِمَا يفضل عَن نَفَقَة نَفسه وَعِيَاله شهرا أَو بِمَا يفضل عَن ذَلِك من كَسبه الدَّائِم كل يَوْم لِأَن الْمُعْتَبر فِي حُقُوق الْعباد إِنَّمَا هُوَ الْقُدْرَة دون النّصاب فَإِنَّهُ للتيسير وَالْفَتْوَى على الأول لَكِن النّصاب نِصَاب حرمَان الصَّدَقَة

وَإِذا كَانَ للِابْن الْغَائِب مَال قضى فِيهِ بِنَفَقَة أَبَوَيْهِ وَإِذا بَاعَ أَبوهُ مَتَاعه فِي نَفَقَته جَازَ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا اسْتِحْسَان وَإِن بَاعَ الْعقار لم يجز وَفِي قَوْلهمَا لَا يجوز ذَلِك كُله وَإِذا قضى القَاضِي للْوَلَد والوالدين وَذَوي الْأَرْحَام بِالنَّفَقَةِ فمضت مُدَّة سَقَطت لِأَن نَفَقَة هَؤُلَاءِ تجب كِفَايَة للْحَاجة وَلَا تجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015