لا تحزن (صفحة 394)

وبعد هذا، فماذا ينفعُ الإنسان لو حاز على مُلكِ كسرى وقلبُه بالباطلِ مكسورٌ، وحصل على سلطانِ قيصر وأملُه عن الخيْرِ مقصورُ؟! إنَّ الموهبةَ إذا لم تكنْ سبباً في النجاةِ، فما نفعُها وما ثمرتُها؟!

كُنْ جميلاً تَرَ الوجود جميلاً

إنَّ منْ تمامِ سعادتِنا أنْ نتمتَّع بمباهج الحياةِ في حدودِ منطقِ الشرعِ المقدّسِ، فاللهُ أنبت حدائق ذات بهجةٍ، لأنهُ جميلُ يحبُ الجمالَ، ولتقرأُآياِ الوحدانية في هذا الصُّنع البهيج {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} .

فالرائحةُ الزَّكيةُ والمطعمُ الشهيُّ والمنظرُ البهيُّ، تزيدُ الصَّدْرَ انشراحاً والرُّوح فرحاً {كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً} . وفي الحديث: ((حُبِّب إليَّ من دنياكمْ: الطَّيبُ، والنساءُ، وجُعِلتْ قُرَّةُ عيني في الصلاةِ)) .

إنَّ الزهدَ القاتِم والورع المُظلِم، الذي دلف علينا منْ مناهج أرضيَّةٍ، قدْ شوَّه مباهج الحياةِ عند كثيرٍ مِنَّا، فعاشُوا حياتهم همَّا وغمَّا وجوعاً وسهراً وتبتُّلاً، بقولُ رسولُنا - صلى الله عليه وسلم -: ((لكنَّي أصومُ وأُفطرُ، وأقومُ وأفترُ، وأتزوَّجُ النساء، وآكُلُ اللحم، فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015