حقيقة إنه لا يمكن في عالم الواقع أن يحكم الإسلام ما لم يكن هناك مؤمنون، يصرون على تحكيم شريعة الله، ويرفضون أي شريعة سواها، يقيناً منهم أن الرضى بشرع غير شرع الله كفر مخرج من الملة. . وأن هذه العينة من المؤمنين هي الآن قلة في المجتمع تستضعفهم الجاهلية وتعصف بهم. هذه حقيقة، ولكن مقتضاها هو أن نظل ندعو، ونظل نبين للناس هذه الحقيقة، أنه لا إيمان لأحد إذا رضي بشرع غير شرع الله، ونظل نربي الناس على مقتضيات هذه الحقيقة، حتى تصبح القاعدة المؤمنة من القوة بحيث يصبح في يدها مقاليد الأمور، وهذه هي مهمة الدعوة في وقتها الحاضر، مهما طال بها الأمر لتحقيقها، وليست مهمتها أن تستفتي الناس عن طريق صناديق الانتخاب: هل يريدون أن يكونوا مسلمين أم لا يريدون!

فهل وضحت هذه القضية في حس الدعاة أنفسهم، فضلاً عن الجماهير، أم إنهم انزلقوا بغير وعي منهم إلى معايير الديمقراطية التي تجعل الجماهير - في ظاهر الأمر على الأقل (?) - هم المحكمين في نوع الحكم، وليس الله الذي له الخلق والأمر: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} (الأعراف: 54) . وهذا مفرق طريق رئيسي بين الجاهلية والإسلام!

* * *

هل تم بناء القاعدة على أسس متينة؟

نقول بادئ ذي بدء: إنه إذا كانت لم تتبلور بعد قضية لا إله إلا الله، ولا قضية الشرعية في حس بعض الدعاة على الأقل، فكيف تكون القاعدة قد قامت على المواصفات المطلوبة؟

إن القاعدة المطلوبة - وهي تتكون أساساً من جيل الدعاة الذين يعدون لنشر الدعوة على نطاق أوسع - تقوم على أساسين كبيرين: فهم واع لحقيقة الإسلام، وتربية عميقة على متطلبات هذا الدين وتكاليفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015