عنكَ عند المقدرة، والصَّفح معلومٌ منك عند المعذرة، ثم بكت، فكأنَّ دمعها دُرٌّ تناثر منْ عِقْدٍ، أوطلٌّ

تساقط منْ وردٍ، وأنْشدَتْ:

أذنبتُ ذنْبا عظيما ... فكيف منه اعتذاري

والله قدّر هذا ... ولم يكن باختياري

والعفو أحسن شيءٍ ... يكونُ عند اقتِدارِ

قال: فعند ذلك صرف المنصور وجه الغضب إليَّ، وسلَّ سيفَ السَُّخْط عليَّ. فقلتُ: أيَّدَكَ الله، إنَّما

كانت هَفْوَةٌ جَرّها القَدرُ، وصَفْوةٌ ولَّدها النَّظر، وليسَ للمرءِ إلاّ ما قُدِّرَ لَهُ لا ما اخْتارَهُ وأمَّلهُ. فأطْرَقَ

المنصورُ قليلا، ثمَّ عَفا وصَفَحَ، وتجاوزَ عَنّا وسَمح، وخَلّى سبيلي، فَسَكنَ وجيبُ قَلْبي وغليلي،

ووهَبَ الجارية لي، فَبِتْنا بأنْعَمِ ليْلةٍ وسَحَبْنا فيها للصَّبا ذَيْله، فلَمَّا شَمَّرَ الليْلُ غدائرهُ، وسلَّ الفجْرُ

بَواتِره، وتجاوبت الأطْيارُ بضروب الألحان، في أعالي الأغصان، انصرفت بالجارية إلى منزلي،

وتكامل سُرُوري وجَذَلي.

قول الجارية:

وبدا البدْرُ مثْلَ نصفِ سِوار

من قول الأمير تميم بن المعز:

وانْجَلى الغيْمُ عن هِلالٍ تَبَدَّى ... في يدِ الأُفْقِ مثل َنصفِ سِوارِ

وقول أبي المغيرة:

وإذا ما الكرام همّوا بشيء

البيت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015