3- اختلال العمل بمنهج المحدثين قرناً بعد قرن، باعتماد كثير من المتأخِّرين على ظواهر الأسانيد من حيث لا يشعرون، ودخول علم المنطق في علوم الحديث من خلال كتب المصطلح المتأخِّرة خاصَّة، فأهمية إبراز علة الحديث تزداد بقدر ذلك الاعتماد المشار إليه.

4- تفرُّق كثير من الأحاديث المعلَّة في بطون عشرات الكتب، ولا شكَّ أن التَّنقير عن ذلك واستخراجه من الصُّعوبة بمكان.

وهذا العلم قد قلَّ من يفهمه ويُعنى به في العصور السَّابقة، فكيف بهذا الزمن قال أبو حاتم: «جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته، فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ، فقال لي: يا أبا حاتم قلَّ من يفهم هذا، ما أعزَّ هذا. إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقلَّ أن تجد من يحسن هذا ... » (?) .

وقال ابن حجر: «لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم» (?) .

ولا يفهم من النصوص السابقة في صعوبة علم العلل وغرابته أنه لا قيام لشأنه بعد رحيل أهله الأوائل. فإن أصوله وقواعده باقية وطرائق أصحابه متداولة، تعتمد على الفهم والذكاء والخبرة وطول الممارسة ودقة التنقير.

وقد تصعب العلة وتدق، بحيث لا يقدر على حل رمزها وكشف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015