الأصل في البيوع الحل إلا ما استثني

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70 - 71].

المسألة الأولى: بيع العنب لمن يتخذه خمراً, هذه المسألة صعبة جداً؛ لأن فيها ما يوافق الشرع وفيها ما يخالف الشرع, فظاهرها يوافق الشرع وباطنها يخالف الشرع.

وصورتها: أن رجلاً عنده عنب ويريد بيعه، وهو يحتاج إلى هذا المال، فهل يصح له بيعه لرجل يعلم أنه يشتريه ليجعله خمراً؟ لما كان الظاهر يخالف الباطن اختلفت أقوال أهل العلم, فمنهم من أخذ بالظاهر, وقال: هو حلال؛ لأنه بيع توفرت فيه الشروط والأركان: البيع عن تراض, السلعة والثمن موجودان, أيضاً: الأصل العام في كل المعاملات الحل, والدليل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275]، ومن السنة حديث: (فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)، والسياق يقيده بقوله: (الذهب بالذهب)، فإذا اختلفت هذه الأصناف الربوية فبيعوا كيف شئتم منه، ولكن: (يداً بيد) , وكذلك: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيوع معينة مما هو خلاف الأصل، مثلما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس كذا ولا يلبس كذا ولا يلبس كذا, فهذه دلالة وإشارة من النبي صلى الله عليه وسلم على أن هذه الملبوسات المنهي عنها خلاف الأصل, والأصل هو الحل في كل شيء إلا هذه الأشياء؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما حدد بعض البيوعات المحرمة كان في ذلك دلالة على أن الأصل في كل البيوع أو المعاملات الحل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015