. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإنما قلنا مؤسَّسينِ على الوسط، لأنَ الرحمةَ الإلهية والعواطفَ الربانية، هي التي اقتضتْ إخراجَ الخلقِ من العدمِ إلى الوجود، للتزوّدِ للمَسيرِ إلى السَّعاداتِ الأبديّة، والمصيرِ إلى الكمالاتِ السَّرمديّة، وإلى هذا يُلْمحُ ما ورد: "رحمنَ الدنيا ورحيمَ الآخرة".

فإن قلتَ: لِمَ قيّدَ الثّلثَ الثاني والثّالثَ بقولِه: "ولعبدي ما سأل"، وأوقعَه حالًا من "لعبدي"، وأطلق الأول؟

قلتُ: لتضمّنها الطّلبَ والسّؤال؛ أمّا في الأول: فمستفاد من السّين، وفي الثاني: من صيغةِ الأمر. وإنّما وُضع المظهرُ مَوضعَ المُضمرِ الرّاجعِ إلى ذي الجلال، وخُصَّ بالعبدِ وكُرِّر، ليُشعر بأنّ الصّلاةَ معراجُ المؤمن، ولهذا السّر وُصفَ الحبيبُ بالعبد ليلة المعراج، كما أَومأَ إليه بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]، وظهرَ أيضًا أنّ المصلّى يناجي ربّه، وحُقّ لذلك أن تسمى الفاتحةُ بالصّلاة، وأنّ الصّلاةَ لا تَصحُّ إلّا بها. ولله درُّ الإمامِ حيثُ أوجبها فيها!

اللهمّ يا موليَ النِّعم، ويا راحمَ الأُمم، ويا مُحييَ الرِّمَم، أنتَ المعبودُ وأنت المستعانُ بكرمك، ثَبِّتنا على صراطك، صراطِ الذين أنعمتَ عليهم من النبيينَ والصِّديقين والشُّهداء والصالحين، ووفِّقْنا على ما نُرافقُهم به في دارِ كرامتِك في جناتِ النعيم، وجَنِّبنا بشُمولِ رأفتِك عمّا نوافقُ به الزائغين، ممّا يَكلُمُ الدِّينَ ويُثلُمُ اليقين، آمين، ربَّ العالمين.

ويا سامعَ الأصوات، ويا مجيبَ الدّعوات، ويا مُقيلَ العثرات، تَقبّلْ توبتي، وامحُ حِوبتي، وأقِلْ عَثْرتي فيما صدرَ مني مِمّا لا ترضاه، خصوصًا فيما تَصَدّيتً لإيراده في "فُتوحِ الغَيب"، وفيما تَوخّيتُ إبرازَه "في الكشفِ عن قناعِ الريب".

وصَلِّ على حبيبِ الله، على من بدأ منه البدايات، وانتهى إليه النهايات، رَحْمةِ الله المهداةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015