. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لهذه المعاني، فجيء بقوله: {سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ} الآية مسليًا لحبيبه صلوات الله عليه، ووعدًا لإظهار كلمته وقهر أعهدائه، وسلك فيه مسلك الدليل والبرهان؛ ليظهر للموافق والمخالف حقيته، وإليه الإشارة بقوله: "ولو لم يكن كذلك لما قوي هذه القوة ولما نصر حاملوه هذه النصرة"، وأدمج في الكلام معنى الإخبار بالغيب بذكر {عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وإليه الإشارة بقوله: "يستوي عنده غيبه وشهادته"؛ ليكون كالشاهد على أنها بنفسها آية مستقلة من حيث إنها مخبرة عن الغيب.

روى الواحدي عن الزجاج أنه قال: ومعنى الكفاية ها هنا أن الله تعالى قد بين لهم ما فيه كفاية من الدلالة.

فإن قلت: هل لقول عطاء على ما رواه محيي السنة {سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ} يعني أقطار السماوات والأرض؛ من الشمس والقمر والنجوم والأشجار والأنهار {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} من لطيف الصنعة وبديع الحكمة {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} وجه مناسبة بالنظم؟

قلت: أجل، ونعمت المناسبة والعلم عند الله، وذلك أنه تعالى لما أمر حبيبه صلوات الله عليه بمتاركة القوم في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} إلى قوله: {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} دخل في خلده اليأس من إيمان القوم، وذهبت نفسه عليهم حسرات، فأعلمه الله تعالى بقوله: {سَنُرِيهِمْ آياتِنا} أنه ما عليك إلا البلاغ ومنا الهداية، فأنت قد أديت ما عليك من البلاغ وليس الهداية، ونحن سنهدي منهم من نريد هدايته بأن نفتح قلوبًا غلفًا وآذانًا صمًا وعيونًا عميًا، فيرون آياتنا في الآفاق وفي الأنفس، ثم قرر ذلك بقوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} إنجازًا للموعد، مسليًا له صلوات الله عليه مما اعتراه من اليأس، كان هذا الوجه أحسن، وفي معنى الخاتمة أدخل، وللتناول أعم وأسهل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015