أي: وما أحدهم بمن يزحزحه من النار تعميره. وقيل: الضمير لما دل عليه (يُعَمَّرَ) من مصدره، و (أَن يُعَمَّرَ) بدل منه، ويجوز أن يكون (هُوَ) مبهماً، و (أَن يُعَمَّرَ) مُوضِّحه. والزحزحة: التبعيد والإنحاء. فإن قلت: (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) ما موقعه؟ قلت: هو بيان لزيادة حرصهم على طريق الاستئناف. فإن قلت: كيف اتصل لو يعمر بيودّ أحدهم؟ قلت: هو حكاية لودادتهم. و «لو» في معنى التمني، وكان القياس: لو أعمر، إلا أنه جرى على لفظ الغيبة لقوله: (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) كقولك: حلف باللَّه ليفعلنّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: وما أحدهم بمن يزحزحه من النار تعميره) أي: ليس أحد منهم يخلصه من النار طول عمره بسبب أعماله الصالحة. المعنى ينظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل: أي الناس خير؟ قال: "من طال عمره وحسن عمله"، وقيل: فأي الناس شر؟ قال: "من طال عمره وساء عمله". أخرجه أحمد بن حنبل عن أبي بكرة.

قوله: (دل عليه (يُعَمَّرُ) من مصدره) كأنه قيل: وما التعمير بمزحزحه من العذاب تعميره.

قوله: (و (أَن يُعَمَّرُ) موضحه). قال أبو البقاء: هو ضمير التعمير، وقد دل عليه قوله: (لَوْ يُعَمَّرُ) و (أَن يُعَمَّرُ) بدل من "هو"، ولا يجوز أن يكون هو ضمير الشأن؛ لأن المفسر لضمير الشأن مبتدأ وخبر، ودخول الباء في "بمزحزحه" يمنع من ذلك، وكذا عن الزجاج، وهذا غير وارد على المصنف، لأنه لم يجعله ضمير الشأن بل على نحو: (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) [البقرة: 29].

قوله: (وكان القياس لو أعمر) لأن الذي صدر منهم من القول هو على حكاية النفس، لكن نظر إلى ظاهر "يود" فأجري مجراه، فهو قريب من المشاكلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015