الجزء الثالث

(بسم الله الرحمن الرحيم)

سورة يوسف

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا، وَقِيلَ: نَزَلَتْ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقْتَ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَقَتَادَةُ:

إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ يُوسُفَ بِمَكَّةَ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ: أَنَّهُ خَرَجَ هُوَ وَابْنُ خَالَتِهِ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ حَتَّى قَدِمَا مَكَّةَ، وَذَكَرَ قِصَّةً، وَفِي آخِرِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علّمهما سورة يوسف، واقرأ باسم ربك، ثم رجعا. وأخرج البيهقي في الدلائل عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ حَبْرًا مِنَ الْيَهُودِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَوَافَقَهُ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ عَلَّمَكَهَا؟ قَالَ: اللَّهُ عَلَّمَنِيهَا، فَعَجِبَ الْحَبْرُ لِمَا سَمِعَ مِنْهُ، فَرَجَعَ إِلَى الْيَهُودِ، فَقَالَ لَهُمْ: وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، فَانْطَلَقَ بِنَفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ، وَنَظَرُوا إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَجَعَلُوا سَمْعَهُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِ لِسُورَةِ يُوسُفَ فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ، وَأَسْلَمُوا عِنْدَ ذَلِكَ» . وَأَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «وعلّموا أَقَارِبَكُمْ سُورَةَ يُوسُفَ، فَإِنَّهُ أَيُّمَا مُسْلِمٌ تَلَاهَا، أَوْ عَلَّمَهَا أَهْلَهُ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتَ الْمَوْتِ، وَأَعْطَاهُ الْقُوَّةَ أَنْ لَا يَحْسُدَ مُسْلِمًا» . وَفِي إِسْنَادِهِ سَلَامُ بْنُ سَالِمٍ، وَيُقَالُ ابْنُ سُلَيْمٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ، وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُتَابِعًا مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ، وَمِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ عَنْ مجلز ابن عبد الواحد، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَهُوَ مُنْكَرٌ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَنَزَلَ قوله تعالى- اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ (?) (?) - قَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَذَكَرَ اللَّهُ أَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْقُرْآنِ، وَكَرَّرَهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَبَايِنَةٍ عَلَى دَرَجَاتِ الْبَلَاغَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ قِصَّةَ يُوسُفَ وَلَمْ يُكَرِّرْهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ مُخَالِفٌ عَلَى مُعَارَضَةِ مَا تَكَرَّرَ، وَلَا عَلَى معارضة غير المتكرّر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015