صَالحا وخلطه بِعَمَل سيء قَوْلُهُ فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ بِصِيغَةِ فِعْلِ الْأَمْرِ بِالْوُقُوعِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَنْغَمِسُونَ فِيهِ لِيَغْسِلَ تِلْكَ الصِّفَةَ بِهَذَا الْمَاءِ الْخَاصِّ قَوْلُهُ نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ أَيْ يَجْرِي عَرْضًا قَوْلُهُ كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ هُوَ اللَّبَنُ الْخَالِصُ عَنِ الْمَاءِ حُلْوًا كَانَ أَوْ حَامِضًا وَقَدْ بَيَّنَ جِهَةَ التَّشْبِيهِ بِقَوْله مِنَ الْبَيَاضِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي الْبَيَاضِ قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُمْ سَمَّوُا اللَّبَنَ بِالصِّفَةِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ صَافٍ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَاءِ الْمَذْكُورِ عَفْوُ اللَّهِ عَنْهُمْ أَوِ التَّوْبَةُ مِنْهُمْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ قَوْلُهُ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ أَيْ صَارَ الْقَبِيحُ كَالشَّطْرِ الْحسن فَلذَلِك قَالَ وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَوْلُهُ قَالَا لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ يَعْنِي الْمَدِينَةَ قَوْلُهُ فَسَمَا بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ نَظَرَ إِلَى فَوْقٍ وَقَوْلُهُ صُعُدًا بِضَمِّ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي ارْتَفع كثيرا وَضَبطه بن التِّينِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاسْتَبْعَدَ ضَمَّهَا قَوْلُهُ مِثْلُ الرَّبَابَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْبَيْضَاءُ وَيُقَالُ لِكُلِّ سَحَابَةٍ مُنْفَرِدَةٍ دُونَ السَّحَابِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيْضَاءَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الرَّبَابَةُ السَّحَابَةُ الَّتِي رُكِّبَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ فِي السَّحَابِ قَوْلُهُ ذَرَانِي فَأَدْخُلُهُ قَالَا أَمَّا الْآنَ فَلَا وَأَنْتَ دَاخِلُهُ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ فَقُلْتُ دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي قَالَا أَنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ وَلَوِ اسْتَكْمَلْتَهُ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ قَوْلُهُ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالَا أَمَا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ إِنَّا سَنُخْبِرُكَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَقُلْتُ طَوَّفْتُمَا بِيَ اللَّيْلَةَ وَهِيَ بِمُوَحَّدَةٍ وَلِبَعْضِهِمْ بِنُونٍ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ قَالَا نَعَمْ قَوْلُهُ فَيَرْفِضُهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَيُقَالُ بِضَمِّهَا قَالَ بن هُبَيْرَةَ رَفْضُ الْقُرْآنِ بَعْدَ حِفْظِهِ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ رَأَى فِيهِ مَا يُوجِبُ رَفْضَهُ فَلَمَّا رَفَضَ أَشْرَفَ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ الْقُرْآنُ عُوقِبَ فِي أَشْرَفِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ قَوْلُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ هَذَا أَوْضَحُ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ بِلَفْظِ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يُعَذَّبُ عَلَى تَرْكِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ عَوْفٍ فَإِنَّهُ عَلَى تَرْكِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْذِيبُ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ قَوْلُهُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ أَيْ يَخْرُجُ مِنْهُ مُبَكِّرًا قَوْلُهُ فَيَكْذِبُ الْكِذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ فَكَذُوبٌ يُحَدِّثُ بِالْكِذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعَ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ وَالرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْته يشق شدقه فكذاب قَالَ بن مَالِكٍ لَا بُدَّ مِنْ جَعْلِ الْمَوْصُوفِ الَّذِي هُنَا لِلْمُعَيَّنِ كَالْعَامِّ حَتَّى جَازَ دُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِهِ أَيِ الْمُرَادُ هُوَ وَأَمْثَالُهُ كَذَا نَقله الْكرْمَانِي وَلَفظ بن مَالِكٍ فِي هَذَا شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يُسْتَحَقُّ بِجُزْءِ الْعِلَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْفَاءِ عَلَى خَبَرِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ شَبِيهًا بِمَنِ الشَّرْطِيَّةِ فِي الْعُمُومِ وَاسْتِقْبَالِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعْنَى نَحْوَ الَّذِي يأتيني فمكرم وَلَو كَانَ الْمَقْصُودُ بِالَّذِي مُعَيَّنًا زَالَتْ مُشَابَهَتُهُ بِمَنْ وَامْتَنَعَ دُخُولُ الْفَاءِ عَلَى الْخَبَرِ كَمَا يَمْتَنِعُ دُخُولُهَا عَلَى أَخْبَارِ الْمُبْتَدَآتِ الْمَقْصُودِ بِهَا التَّعْيِينُ نَحْوَ زَيْدٌ فَمُكْرَمٌ لَمْ يَجُزْ فَكَذَا الَّذِي لَا يَجُوزُ الَّذِي يَأْتِينِي إِذَا قَصَدْتَ بِهِ مُعَيَّنًا لَكِنَّ الَّذِي يَبْنِي عِنْدَ قَصْدِ التَّعْيِينِ شَبِيهٌ فِي اللَّفْظِ بِالَّذِي يَأْتِينِي عِنْدَ قَصْدِ الْعُمُومِ فَجَازَ دُخُولُ الْفَاءِ حَمْلًا لِلشَّبِيهِ عَلَى الشَّبِيهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ التقى الْجَمْعَانِ فبإذن الله فَإِنَّ مَدْلُولَ مَا مُعَيَّنٌ وَمَدْلُولَ أَصَابَكُمْ مَاضٍ إِلَّا أَنَّهُ رُوعِيَ فِيهِ التَّشْبِيهُ اللَّفْظِيُّ لِشَبَهِ هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فَأُجْرِيَ مَا فِي مُصَاحَبَةِ الْفَاءِ مَجْرًى وَاحِدًا انْتَهَى قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015