علل النحو (صفحة 295)

وَالرَّفْع، فالنصب على مَا قدرناه، وَمعنى الْكَلَام إِذا نصبت على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون مَعْنَاهُ: مَا تَأتِينِي فَكيف تُحَدِّثنِي؟ أَي: الَّذِي يمْنَع من الحَدِيث ترك الْإِتْيَان، وَإِنَّمَا دخل هَذَانِ المعنيان فِي معنى حكم الْمَنْصُوب، لِأَن الْفَاء قد بَينا أَنَّهَا للْعَطْف، وَيجب أَن يكون الثَّانِي بعد الأول، فَلَمَّا كَانَ (62 / ب) معنى قَوْلك: مَا يكون مِنْك إتْيَان فَحَدِيث، مُنْقَطِعًا من الأول، مُتَّصِلا من أصل اللَّفْظ، جَازَ أَن يَنْفِي الْإِتْيَان، وَيتَعَلَّق الحَدِيث بِهِ، وينتفي مَعَه، لدُخُول معنى الِاتِّصَال فِي الْفَاء.

وَأما الرّفْع فعلى وَجْهَيْن:

أَحدهمَا: أَن يكون الْفِعْل مَعْطُوفًا على مَا قبله، وَيكون النَّفْي قد تنَاول الْإِتْيَان على حِدة، والْحَدِيث على حِدة، أَي: مَا تَأتِينِي، وَمَا تُحَدِّثنِي.

وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن يكون الْإِتْيَان منفياً، وَيكون مَا بعد الْفَاء مُبْتَدأ وخبراً على طَرِيق الِاسْتِئْنَاف، كَأَنَّك قلت: مَا تَأْتِينَا فَأَنت تحدثنا، فَيكون الحَدِيث كَائِنا، والإتيان منفياً، وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُؤذن لَهُم فيعتذرون} ، وَقَوله: {لَا يقْضى عَلَيْهِم فيموتوا} ، فَإِنَّمَا رفع (يَعْتَذِرُونَ) بالْعَطْف على (يُؤذن) ، أَي: لَيْسَ يُؤذن لَهُم، وَلَا يَعْتَذِرُونَ وَقد قرئَ بِالنّصب على تَقْدِير: لَا يكون إِذن فعذر، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَو أذن لَهُم اعتذروا، وَلَكِن سَبَب الْعذر ارْتِفَاع الْإِذْن، فَفِي نصب الثَّانِي يجب الأول، وَفِي الرّفْع لَيْسَ لأَحَدهمَا تعلق بِالْآخرِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015