ومنذ أن وقع الشرك الأول في بني آدم والمعركة قائمة لم تهدأ، مستعرة لم تخب بين الحق والباطل وبين الإيمان والكفر.

وقد تمثل الشرك الأول في الركنين الأساسين لمفهوم العبادة وهما:

1- التقرب والتوجه والتنسك.

2- الطاعة والتشريع والأتباع.

وهما ركنان متداخلان.

وما صح لدينا من أخبار الأمة الشركية الأولى " قوم نوح " يدل على ذلك:

1- قال الله تعالى عنهم: «وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا» (?) .

وهذه الأصنام التي تنسكت الجاهلية الأولى بالتقرب إليها، وهي في الأصل " أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كان يجلسون أنصاباً (تماثيل) ، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد (أول الأمر) حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عُبدت" (?) .

روى مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته:" ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته (?) عبداً حلال. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً.. " (?) الحديث.

فهذا انحرافهم في الطاعة والتشريع، المقارن لشركهم في التقرب والتنسك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015