صفوه التفاسير (صفحة 1553)

الطارق

اللغَة: {الطارق} مأخوذ من الطرق بمعنى الضرب بشدة ومنه المطرقة، وكل ما جاء بليل يسمى طارقاً {دَافِقٍ} مصبوب بقوة وشدة يقال: دفق الماء دفقاً إِذا انصبَّ بدفع وشدة {الترآئب} عظام الصدر جمع تربية مثل فصيلة وفصائل قال امرؤ القيس:

«تَرائبُها مصقولةٌ كسجنجل» ... {الرجع} المطر سمي به لرجوعه إِلى الأرض مراراً {الصدع} النبات الذي تنشق عنه الأرض {رُوَيْداً} قليلاً أو قريباً.

التفسِير: {والسمآء والطارق} أي أٌقسم بالسماء وبالكواكب النيرة، التي تظهر ليلاً وتختفي نهاراً قال المفسرون: سُمي النجم طارقاً لأنه إِنما يظهر بالليل ويختفي بالنهار، وكلُّ ما يجيء ليلاً فهو طارق {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطارق} استفهام للتفخيم والتعظيم أي وما الذي أعلمك يا محمد ما حقيقة هذا النجم؟ ثم فسره بقوله {النجم الثاقب} أي النجم المضيء الذي يثقب الظلام بضيائه قال الصاوي: قد كثر منه تعالى في كتابه المجيد ذكرُ الشمس والقمر والنجوم، لأن أحوالها في أشكالها وسيرها ومطالعها، ومغاربها عجيبة دالة على انفراد خالقها بالكمالات، لأن الصّنعة تدل على الصانع {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} هذا جواب القسم أي ما كلُّ نفسٍ إِلا عليها حافظ من الملائكة، يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكسب من خيرٍ وشر كقوله {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ} [الانفطار: 10 11] قال ابن كثير: أي كلُّ نفسٍ عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات. . ثم أمر تعالى بالنظر والتفكر في خلق الإِنسان، تنبيهاً على إِمكان البعث والحشر فقال {فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ} ؟ أي فلينظر الإِنسان في أول نشأته نظرة تكفرٍ واعتبار، من أي شيءٍ خلقه الله؟ {خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} أي خلق من المنيّ المتدفق، الذي ينصب بقوةٍ وشدة، يتدفق من الرجل والمرأة فيتكون منه الولد بإِذن الله {يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب} أي يخرج هذا الماء من بين الصلب وعظم الصدر، من الرجل والمرأة {إِنَّهُ على رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} أي إِن الله تعالى الذي خلق الإِنسان ابتداءً، قادر على إِعادته بعد موته قال بن كثير: نبه تعالى الإِنسان على ضعف أصله الذي خلق منه، وأرشده إِلى الاعتراف بالمعاد، لأن من قدر على البداءة، فهو قادر على الإِعادة بطريق الأول {يَوْمَ تبلى السرآئر} أي يوم تمتحن القلوب وتختبر، ويُعرف ما بها من العقائد والنيات، ويميز بين ما طاب منها وما خبث {فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ} أي فليس للإِنسان في ذلك الوقت قوة تدفع عنه العذاب، ولا ناصر ينصره ويجيره، قال في التسهيل: لما كان دفع المكاره في الدنيا إِما بقوة الإِنسان، أو بنصرة غيره له، أخبره الله تعالى أنه يعدمها يوم القيامة، فلا قوة له في نفسه، ولا أحد ينصره من الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015