صفوه التفاسير (صفحة 1266)

هَا أَنتُمْ هؤلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله} أي ها أنتم معشر المخاطبين تُدعون للإِنفاق في سبيل الله، وقد كلفتم ما تطيقون {فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ} أي فمنكم من يشح عن الإِنفاق ويمسك عنه {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} أي ومن بخل عن الإِنفاق في سبيل الله فإِنما يعود ضرر بخله على نفسه، لأنه يمنعها الأجر والثواب قال الصاوي: وبخل يتعدى ب «على» إِذا ضُمِّن معنى شحذَ، وب «عن» إِذا ضُمِّن معنى أمسك {والله الغني وَأَنتُمُ الفقرآء} أي واللهُ مستغن عن إنفاقكم ليس بمحتاج إِلى أموالكم، وأنتم محتاجون إليه {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} أي وإِن تعرضوا عن طاعته واتباع أوامره، يخلف مكانكم قوماً آخرين يكونون أطوع لله منكم {ثُمَّ لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم} أي لا يكونون مثلكم في البخل عن الإِنفاق بل يكونوا كرماء أسخياء.

البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1 - المقابلة بين الآية الأولى والثانية {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 1] وبين {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} [محمد: 2] الآية وهو من المحسنات البديعية.

2 - ذكر الخاص بعد العام {وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ} [محمد: 2] والنكتة تعظيمه والاعتناء بشأنه.

3 - الاستعارة التبعية {تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] شبَّه ترك القتال بوضع آلته، واشتق من الوضع «تضع» بمعنى تنتهي وتترك بطريق الاستعارة التبعية.

4 - المجاز المرسل {وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] أطلق الجزء وأراد الكل أي يثبتكم، وعبَّر بالأقدام لأن الثبات التزلزل يظهران فيهاوهو مثل {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] .

5 - الطباق بين {مَنًّا. . وفِدَآءً} وبين {آمَنُواْ. . وكَفَرُواْ} وبين {الغني. . والفقرآء} .

6 - المجاز العقلي {فَإِذَا عَزَمَ الأمر} نسب العزم إلى الأمر وهو لأهله مثل نهاره صائم.

7 - الالتفات {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ} وهو التفات من الغيبة إلى الخطاب لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع.

9 - الاستعارة التصريحية {أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} شبَّه قلوبهم بالأبواب المقفلة، فإِنها لا تنفتح لوعظ واعظ، ولا يفيد فيها عذل عاذل، وهي من لطائف الاستعارات.

10 - الإِطناب بتكرار ذكر الأنهار {فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ. .} [محمد: 15] الآية وذلك لزيادة التشويق إلى نعيم الجنة.

11 - الكناية {ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ} كناية عن الكفر بعد الإِيمان.

12 - السجع الرصين غير المتكلف {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ. واتبعوا أَهْوَاءَهُمْ. وأعمى أَبْصَارَهُمْ} الخ وهو من المحسنات البديعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015