صفوه التفاسير (صفحة 1008)

الفتح لاَ يَنفَعُ الذين كفروا إِيَمَانُهُمْ} أي قل لهم يا محمد توبيخاً وتبكيتاً: إِن يوم القيامة هو يوم الفتح الحقيقي الذي يفصل تعالى فيه بيننا وبينكم، ولا ينفع فيه الإِيمان ولا الاعتذار فلماذا تستعجلون؟ {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} أي ولا هم يؤخرون ويمهلون للتوبة قال البيضاوي: ويوم الفتح هو يوم القيامة فإِنه يوم نصر المؤمنين على الكافرين والفصل بينهم، وقيل هو يوم بدر {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي فأعرضْ يا محمد عن هؤلاء الكفار ولا تبالِ بهم {وانتظر إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ} أي وانتظر ما يحل بهم من عذاب الله، إِنهم منتظرون كذلك ما يحل بكم قال القرطبي: أي ينتظرون بكم حوادث الزمان.

البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1 - جناس الاشتقاق مثل {تُنذِرَ. . ونَّذِيرٍ} وكذلك مثل {انتظر. . إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ} .

2 - الطباق بين {الغيب. . والشهادة} وبين {خَوْفاً. . وَطَمَعاً} .

3 - الالتفات من الغيبة إِلى الخطاب {وَجَعَلَ لَكُمُ} والأصل «وجعل له» والنكتة أن الخطاب إِنما يكون مع الحيّ فلما نفخ تعالى الروح فيه حسن خطابه مع ذريته.

4 - الاستفهام الإِنكاري وغرضه الاستهزاء {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} ؟

5 - الإِضمار {رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} أي يقولون ربنا أبصرنا وسمعنا.

6 - الاختصاص {ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} أي إِليه لا إِلى غيره مرجعكم يوم القيامة.

7 - حذف جواب لو للتهويل {وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ} أي لرأيت أمراً مهولاً.

8 - المشاكلة وهي الاتفاق في اللفظ مع الاختلاف في المعنى {نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ. . إِنَّا نَسِينَاكُمْ} فإِن الله تعالى لا ينسى وإِنما المراد نترككم في العذاب ترك الشيء المنسي.

9 - المقابلة اللطيفة بين جزاء الأبرار وجزاء الفجار {أَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ جَنَّاتُ المأوى. .} {وَأَمَّا الذين فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ النار} وهو من المحسنات البديعية.

10 - الكناية عن كثرة العبادة والتبتل ليلاً {تتجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضاجع} .

11 - الاستفهام للتقريع والتوبيخ {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} ؟ {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء} ؟ {أَفَلاَ يَسْمَعُونَ} ؟ {أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} وكلها بقصد الزجر والتوبيخ.

12 - السجع مراعاةً للفواصل ورءوس الآيات مثل {إِنَّا مُوقِنُونَ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ} وهذا من المحسنات البديعية وهو كثير في القرآن الكريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015