لأصحابنا في هذا القصر؟ وكم أخذت من الأجرة لكل ألف آجُرَّة ولبِنة؟ فبقي البنّاء لا يقدر على أن يُردّ عليه شيئًا، فخافه المسيّب، فقال له المنصور: مالك لا تكلّمُ! فقال: لا علم لي يا أمير المؤمنين، قال: ويحك! قل وأنت آمن مِنْ كلّ ما تخافه، قال: يا أميرَ المؤمنين، لا والله ما أقف عليه ولا أعلمه، قال: فأخذ بيده، وقال له: تعال، لا علَّمك الله خيرًا! وأدخله الحجرة التي استحسنها، فأراد مجلسًا كان فيها، فقال له: انظر إلى هذا المجلس وابْنِ لي بإزائه طاقًا يكون شبيهًا بالبيت، لا تدخل فيه خشبًا، قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فأقبل البنَّاءُ وكل مَنْ معه يتعجَّبون من فهمه بالبناء والهندسة، فقال له البنّاء: ما أحْسِنُ أن أجيء به على هذا، ولا أقوم به على الذي تريد! فقال له: فأنا أعينك عليه، قال: فأمر بالآجر والجِصّ فجيء به، ثم أقبل يحصي جميع ما دخل في بناء الطاق من الآجُرّ والجصّ؛ ولم يزل كذلك حتى فرغ منه في يومه وبعض اليوم الثاني، فدعا بالمسيّب، فقال له: ادفع إليه أجْره على حسب ما عمل معك، قال: فحاسبه المسيّب، فأصابه خمسة دراهم؛ فاستكثر ذلك المنصور، وقال: لا أرضى بذلك؛ فلم يزل به حتى نقصه دِرْهمًا، ثم أخذ المقادير، ونظر مقدار الطاق من الحجرة حتى عرفه، ثم أخذ الوكلاء والمسيّب بُحملان النفقات، وأخذ معه الأمناء من البنائين والمهندسين حتى عرّفوه قيمة ذلك؛ فلم يزل يحسبه شيئًا شيئًا، وحملهم على ما رفع في أجرة بناء الطاق؛ فخرج على المسيّب مما في يده ستة آلاف درهم ونيّف، فأخذه بها واعتقله، فما برح من القصر حتى أدّاها إليه.

وذكر عن عيسى بن المنصور أنه قال: وجدتُ في خزائن أبي المنصور في الكتب، أنه أنفق على مدينة السلام وجامعها وقصر الذهب بها والأسواق والفُصلان والخنادق وقبابها وأبوابها أربعة آلاف وثمانمئة وثلاثة وثلاثين درهمًا، ومبلغها من الفلوس مئة ألف ألف فَلْس وثلاثة وعشرون ألف فَلْس؛ وذلك أن الأستاذ من البنّائين كان يعمل يومه بقيراط فِضّة والروزكاري بحبّتين إلى ثلاث حبّات. [7/ 650 - 655].

* * *

ذكر الخبر عن سبب عزله إياه:

ذكر عبد الملك بن شيبان أنّ يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن الهاشميّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015