اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَأُجْرَةُ حَمْلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَاخْتُلِفَ فِي أُجْرَةِ رَدِّهَا فَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ عَلَى الْمُعِيرِ أَبُو الْحَسَنِ، وَاخْتُلِفَ فِي عَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَارَةِ، فَقِيلَ عَلَى الْمُعِيرِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. اهـ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى ضَمَانِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ، لَا يَضْمَنُ الْعَارِيَّةَ إلَّا فِي وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ بِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهَا.

الثَّانِي: أَنْ يَثْبُتَ تَعَدِّي الْمُعِيرِ أَوْ تَفْرِيطُهُ فِي الْعَارِيَّةِ، حَتَّى هَلَكَتْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهُوَ الَّذِي يَعْنِي بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَمْ لَا، وَكَذَا لَا يَضْمَنُهَا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ تَفْرِيطُهُ، وَلَا تَعَدِّيهِ (قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ،) ، وَالْعَارِيَّة فِي ضَمَانِ صَاحِبِهَا إنْ تَحَقَّقَ هَلَاكُهَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهَا نَوْعَانِ يَظْهَرُ هَلَاكُهُ، وَلَا يَكَادُ يَخْفَى كَالرِّبَاعِ وَالْحَيَوَانِ، فَهَذَا النَّوْعُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي هَلَاكِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي يَخْفَى هَلَاكُهُ، وَيُغَابُ عَلَيْهِ، وَهَذَا النَّوْعُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي هَلَاكِهِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهِ، فَإِنْ قَامَتْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا عُلِمَ أَنَّهُ بِغَيْرِ سَبَبِهِ كَالسُّوسِ فِي الثَّوْبِ صَدَّقَهُ فِيهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا أَضَاعَهُ، وَلَا أَرَادَ إفْسَادًا.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ فَتَلِفَ عِنْدَهُ أَيَضْمَنُهُ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُخَالِفُ إلَى غَيْرِ مَا اسْتَعَارَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا قُلْت لَهُ: فَمَنْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا فَضَاعَ عِنْدَهُ أَيَضْمَنُهُ قَالَ: نَعَمْ، وَكَذَلِكَ الْعُرُوض كُلُّهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ فَكَسَرَهُ أَوْ أَحْرَقَهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهُ أَوْ احْتَرَقَ، فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى يُعْذَرُ بِهِ وَتَقُومُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَيَّعَ أَوْ فَرَّطَ، ثُمَّ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ الرَّجُلُ يَسْتَعِيرُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ، مِثْلُ الْفَأْسِ وَالْمِنْشَارِ فَيَأْتِي بِهِ مَكْسُورًا، وَيَقُولُ الْكَسْرُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي أَعَرْتَنِيهِ فِيهِ قَالَ: لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ. اهـ. بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ.

(فَرْعٌ) مَا عُلِمَ أَنَّهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْمُسْتَعِيرِ كَالسُّوسِ فِي الثَّوْبِ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ فَسَادًا وَلَا ضَيَّعَ وَيَبْرَأُ وَأَلْحَقَ التُّونُسِيُّ النَّارَ بِالسُّوسِ، وَقَالَ: اللَّخْمِيُّ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النَّارَ لَا تَحْدُثُ إلَّا مِنْ فِعْلِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، وَالسُّوسُ إنَّمَا يَحْدُثُ مِنْ الْغَفْلَةِ عَنْ اللِّبَاسِ وَقَرْضُ الْفَأْرِ لَا يَحْدُثُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015