فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي أَوْ الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْقَسِمُ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا، كَانَ السَّهْمُ الْمُسْتَحَقُّ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، وَتَقَدَّمَ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. اهـ.

وَإِنْ يَكُنْ فِي الْفَيْءِ مَالُ الْمُسْلِمِ ... فَهْوَ لَهُ مِنْ قَبْلِ قَسْمِ الْمُغْنَمِ

وَإِنْ يَقُمْ مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ قُسِّمَا ... فَهُوَ بِهِ أَوْلَى بِمَا تَقَوَّمَا

يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا غَنِمُوا غَنِيمَةً فَوَجَدُوا فِيهَا مَالَ مُسْلِمٍ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ، فَهُوَ لِرَبِّهِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَلَا يَأْخُذْهُ رَبُّهُ إنْ شَاءَهُ إلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي قُوِّمَ بِهِ حِينَ الْقَسْمِ، وَكَذَلِكَ مَا عُرِفَ أَنَّهُ لِذِمِّيٍّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قَبْلَ الْقَسْمِ، فَإِنْ عُلِمَ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا رُدَّ مَجَّانًا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِعَيْنِهِ قُسِّمَ، وَلَمْ يُوقَفْ.

(التَّوْضِيحُ) إذَا عُرِفَ رَبُّهُ، وَكَانَ حَاضِرًا، وَلَمْ يُقْسَمْ، فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَيْهِ مَجَّانًا أَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ حَمْلُهُ خَيْرًا لِرَبِّهِ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْكِرَاءَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ أَرْفَقَ بِيعَ وَيُنْفِذُ فِيهِ الْإِمَامُ الْبَيْعَ وَلَا يَكُونُ لِرَبِّهِ غَيْرُ الثَّمَنِ، وَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَلَكِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْسَمُ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُجَاهِدِينَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ: يُوقَفُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَكِنْ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَوَّازِ: يُوقَفُ مَا رُجِيَ الْعِلْمُ بِصَاحِبِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَقْفُهُ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَ الْقَسْمِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِثَمَنِهِ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ (التَّوْضِيحُ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ يَعْنِي إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَالُ مُسْلِمٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ الْقَسْمِ فَلِمَالِكِهِ أَخْذُهُ إنْ شَاءَ بِالثَّمَنِ أَيْ بِالْقَدْرِ الَّذِي قُوِّمَ بِهِ فِي الْغَنِيمَةِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ لِرَبِّ السِّلْعَةِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ شَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ الْقَدْرَ، أَوْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ ابْنُ رُشْدٍ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقِسْمَةِ. اهـ. بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ.

وَفِي الشَّارِحِ عَنْ الْمُقَرَّبِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا إنْ كَانُوا عَبِيدًا أَوْ أَحْرَزَهُمْ أَهْلُ الشِّرْكِ وَأَبَقَ الْعَبِيدُ إلَيْهِمْ، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفُوا أَصْحَابَهُ اقْتَسَمُوا، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَحْرَزَ أَهْلُ الشِّرْكِ جَارِيَةً لِمُسْلِمٍ، ثُمَّ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ، فَلَا يَحِلُّ لِمَنْ صَارَتْ إلَيْهِ سِهَامُهُ أَنْ يَطَأَهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا لِمُسْلِمٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْعَدُوِّ لَا أُحِبُّ أَنْ يَطَأَهَا، اشْتَرَاهَا فِي بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ وَطِئَهَا فَحَمَلَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَا تُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَهَا مَضَى عِتْقُهُ. اهـ.

(تَنْبِيهٌ) أَطْلَقَ النَّاظِمُ الْفَيْءَ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَالِاصْطِلَاحُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَالَ الْحَرْبِيِّ إمَّا غَنِيمَةٌ أَوْ مُخْتَصٌّ بِآخِذِهِ أَوْ فَيْءٌ فَالْغَنِيمَةُ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَيْ مَا مُلِكَ بِقِتَالٍ احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا مُلِكَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَزَادَ قَوْلَهُ: أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ لِيُدْخِلَ فِيهِ مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ، وَأَمَّا مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ، فَهُوَ فَيْءٌ وَالْمُخْتَصُّ بِآخِذِهِ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ غَيْرِ مُؤْمِنٍ عَلِمَهُ أَوْ كُرْهًا دُونَ صُلْحٍ وَلَا قِتَالِ مُسْلِمٍ وَلَا قَصَدَهُ بِخُرُوجِهِ إلَيْهِ مِثَالُهُ مَا هَرَبَ بِهِ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَخَرَجَ بِمَالِهِ أَوْ مَا غَنِمَهُ الذِّمِّيُّونَ.

وَالْفَيْءُ مَا سِوَاهُمَا أَيْ مَا سِوَى الْغَنِيمَةِ، وَسِوَى الْمُخْتَصِّ بِآخِذِهِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْفِقْهُ الْمَذْكُورُ فِي مَالِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ يُوجَدُ فِي الْغَنِيمَةِ يَجْرِي فِيهِ إذَا وُجِدَ فِي الْفَيْءِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُخِذَ مَالُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَأَهْلُهَا مَحْصُورُونَ، وَهُمْ الْغَانِمُونَ، فَأَحْرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْفَيْءِ الَّذِي هُوَ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَتَعْبِيرُ النَّاظِمِ بِالْفَيْءِ صَحِيحٌ، وَيُقَالُ: وَكَذَا إنْ وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ أَنَّهُ تَوَسُّعٌ، وَأَطْلَقَ الْفَيْءَ وَالْغَنِيمَةَ مَعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ مُوَافِقًا، فَلَا يَخْفَى مَا فِي تَعْبِيرِهِ بِالْفَيْءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ النَّاظِمَ أَطْلَقَ الْفَيْءَ عَلَى الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ إنَّمَا يُعَبِّرُونَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بِالْغَنِيمَةِ لَا بِالْفَيْءِ، وَتَفْصِيلُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَ الْمَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْغَنِيمَةُ إذْ هِيَ الَّتِي تُقْسَمُ لَا الْفَيْءُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015