شَرْطٍ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَيَشْتَرِيَا بِمَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ سِلَعًا أَوْ سِلْعَةٍ، وَلِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ حَتَّى يُخْلَطَا اهـ.

فَأَوَّلُ هَذَا النَّقْلِ يُسْتَرْوَحُ مِنْهُ أَنَّ الْخَلْطَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَآخِرُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِهَا وَأَمَّا كَوْنُهُ شَرْطًا فِي اللُّزُومِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْفِعْلِ وَهُوَ هُنَا الْخَلْطُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَقَوْلُ النَّاظِمِ خَلْطٌ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ خَبَرُهُ مُعْتَمَدٌ وَالْمَبْدَأُ الثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرُ الْمَالِ وَالرَّابِطُ ضَمِيرُ خَلْطِهِ

وَحَيْثُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْعَمَلْ ... فَشَرْطُهُ اتِّحَادُ شُغْلٍ وَمَحَلْ

يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ شَرِكَةِ الْعَمَلِ أَنْ تَتَحَدَّ الصَّنْعَةُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالشَّغْلِ وَأَنْ يَتَّحِدَ مَحَلُّ الشَّرِيكَيْنِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَشَرْطُ شَرِكَةِ الْعَمَلِ الِاتِّحَادُ فِيهِ وَفِي الْمَكَانِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) لِجَوَازِهَا شُرُوطٌ.

(أَوَّلُهَا) أَنْ يَتَّحِدَ الْعَمَلُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ مُخْتَلِفًا الصَّنْعَةَ كَصَبَّاغٍ وَنَجَّارٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ إذْ قَدْ تَنْفُقُ صَنْعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَيَأْخُذُ مَنْ لَمْ تَنْفَقْ صَنْعَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ (أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّكِيُّ) وَلَوْ كَانَ الْمُعَلِّمَانِ أَحَدُهُمَا قَارِئٌ وَالْآخَرُ حَاسِبٌ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَقْتَسِمَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا فَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ مُخْتَلَفَيْ الصَّنْعَةِ إذَا كَانَتْ الصَّنْعَتَانِ مُتَلَازِمَتَيْنِ وَنَصَّ اللَّخْمِيّ عَلَى الْجَوَازِ فِيمَا إذَا تَشَارَكَا وَأَحَدُهُمَا يَحِيكُ وَالْآخَرُ يَخْدُمُ وَيَتَوَلَّى مَا سِوَى النَّسْجِ إذَا تَقَارَبَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ كَالسِّلْعَتَيْنِ وَالْمُخْتَلِفَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا هُنَا إمَّا أَنْ يَعْمَلَا جَمِيعًا أَوْ يَتَعَطَّلَا جَمِيعًا فَلَمْ يَكُنْ هَذَا غَرَرًا وَعَلَى مِثْلِ هَذَا أُجِيزَتْ الشَّرِكَةُ فِي طَلَبِ اللُّؤْلُؤِ أَحَدُهُمَا يَتَكَلَّفُ الْغَوْصَ وَالْآخَرُ يَقْذِفُ أَوْ يُمْسِكُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ سَوَاءً.

(ثَانِيهِمَا) أَنْ يَتَّحِدَ الْمَكَانُ وَالْعِلَّةُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَنْفُذَ أَحَدُ الْمَكَانَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَأَجَازَ فِي الْعُتْبِيَّةِ كَوْنَهُمَا فِي مَكَانَيْنِ إذَا اتَّحَدَتْ الصَّنْعَةُ.

(ثَالِثُهَا) أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الصَّنْعَةِ أَوْ يَتَقَارَبَا وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْمَلُ قَدْرَ الْآخَرِ مَرَّتَيْنِ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ (رَابِعُهَا) أَنْ يَكُونَ فِي اشْتِرَاكِهِمَا تَعَاوُنٌ فَإِنْ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ مَنْ الْغَرَرِ الْبَيِّنِ (خَامِسُهَا) أَنْ تَكُونَ قِسْمَتُهَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا انْتَهَى بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّاظِمُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَّا اتِّحَادَ الصَّنْعَةِ وَالْمَحَلِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ حَمَّالَيْنِ اشْتَرَكَا فِي أُجْرَةِ مَا يَحْمِلَانِهِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يَحْمِلُ لِفُلَانٍ شَيْئًا فَحَمَلَ لَهُ صَاحِبُهُ وَحَمَلَ هُوَ لِغَيْرِهِ وَاقْتَسَمَا الْأُجْرَةَ (فَأَجَابَ) الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الذَّكِيِّ أَنَّ اشْتِرَاكَ قَارِئٍ وَحَاسِبٍ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الصَّنْعَتَيْنِ الْمُتَلَازِمَتَيْنِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لَهُ إذَا عَنَى اشْتِرَاكَ فَقِيهٍ وَفَرْضِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَ مُقَيِّدٌ هَذَا الشَّرْحُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَأَعَانَهُ عَلَى تَمَامِهِ وَتَلْخِيصِهِ) وَجَدْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي الطُّرَّةِ مَا نَصُّهُ وَجَدْت بِخَطِّ الْإِمَامِ الْقَوِيِّ مَنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّكِيُّ؟ اهـ ثُمَّ وَجَدْت لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّكِيُّ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ فَرَجٍ الْمُشَاوِرُ عُرِفَ بِالذَّكِيِّ؛ صَقَلِّيُّ الْأَصْلِ وَسَكَنَ قَلْعَةَ بَنِي حَمَّادٍ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَشْرِقِ فَدَخَلَ الْعِرَاقَ وَسَكَنَ أَصْبَهَانَ إلَى أَنْ مَاتَ بِهَا وَعَدُّوهُ فِيهِمْ وَكَانَ فَقِيهًا مُتَقَدِّمًا فِي عِلْمِ الْمَذْهَبِ وَاللِّسَانِ مُفْتِيًا فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ حَافِظًا مُدْرِكًا نَبِيلًا وَسَائِرِ الْمَعَارِفِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015