أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ.

وَعَلَى اسْتِمْرَارِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ إلَى الْأَمَدِ الْمَذْكُورِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " وَاتِّصَالٌ لِلْأَمَدِ " ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْأَمَدَ بِقَوْلِهِ:

فَفِي الذُّكُورِ لِلْبُلُوغِ يَتَّصِلْ ... وَفِي الْإِنَاثِ بِالدُّخُولِ يَنْفَصِلْ

(ابْنُ الْحَاجِبِ) . وَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ الْحَرِّ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الْفَقِيرِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لَهُ، وَنَفَقَةُ الذَّكَرِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، عَاقِلًا غَيْرَ زَمِنٍ بِمَا يَمْنَعُ التَّكَسُّبَ، وَقِيلَ: حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَالْبِنْتُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبَقِيَتْ كَافِرَةً، وَلَوْ عَادَتْ بَالِغَةً أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ لِلذَّكَرِ لَمْ تَعُدْ، ثُمَّ لَهُمَا أَنْ يَذْهَبَا حَيْثُ شَاءَا إلَّا أَنْ يُخَافَ سَفَهٌ؛ فَيَمْنَعَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ. (التَّوْضِيحُ) وَاحْتُرِزَ بِوَصْفِ الْأَبِ بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ عَبْدًا أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ، فَلَا نَفَقَةَ لِوَالِدِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَا نَفَقَةَ لِلْوَلَدِ الرَّقِيقِ عَلَى أَبِيهِ، وَشَرَطَ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَوْ يَكُونُ اكْتَسَبَ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْبِنْتِ مَا تَسْتَغْنِي بِهِ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا، فَإِنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ لَا تَكْفِي أُعْطِيت تَمَامَ الْكِفَايَةِ (اللَّخْمِيُّ) وَإِذَا كَسَدَتْ الصَّنْعَةُ عَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَاشْتَرَطَ هُنَا الْفَقْرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ مُوَاسَاةٌ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ. وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ " أَيْ: وَلَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَبَقِيَتْ هِيَ كَافِرَةً فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَذَكَرَهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ خُرُوجُهَا لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ، وَكَذَلِكَ نَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْوُجُوبِ فِي عَكْسِ هَذِهِ الصُّورَةِ، أَعْنِي: إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَبَقِيَ هُوَ كَافِرًا، لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا عَنْهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ.

وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ عَادَتْ بَالِغَةً " إلَخْ يَعْنِي فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَعَادَتْ إلَى أَبِيهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بَالِغَةً لَمْ تَعُدْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ. (مَالِك) فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِيَ عَلَى نَفَقَتِهَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ لَوَجَبَ عَلَى الْأَبِ الْإِنْفَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ: تَعُودُ نَفَقَتُهَا وَلَا يُسْقِطُهَا بُلُوغُهَا بَلْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ زَوْجًا آخَرَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَعُودُ أَصْلًا. وَقِيلَ: تَعُودُ إلَى أَنْ تَبْلُغَ فَتَسْقُطَ.

قَالَ: وَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ لِتَرْشِيدِهِ لِاِبْنَتِهِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ لِلذَّكَرِ " يَعْنِي إنْ بَلَغَ الِابْنُ زَمِنًا وَقُلْنَا بِاسْتِمْرَارِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ صَحَّ وَحَكَمْنَا بِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ ثُمَّ زَمِنَ فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا تَعُودُ إلَى الْأَبِ اهـ.

(وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ: أَرَأَيْت الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَأَبَوَاهُ مُعْسِرَانِ أَيُنْفَقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِ هَذَا الِابْنِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِ الْوَلَدِ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، مُتَزَوِّجَةً كَانَتْ الْأُمُّ أَوْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ اهـ. وَقَوْلُهُ:

وَالْحُكْمُ فِي الْكُسْوَةِ حُكْمُ النَّفَقَةِ

يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْكُسْوَةِ حُكْمُ النَّفَقَةِ فَحَيْثُ تَجِبُ النَّفَقَةُ تَجِبُ الْكُسْوَةُ وَحَيْثُ لَا فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015