(التَّوْضِيح) لَا خِلَافَ فِي تَرْتِيبِهَا وَأَنَّ الْعِتْقَ أَوَّلًا ثُمَّ الصِّيَامَ ثُمَّ الْإِطْعَامَ فَقَوْلُهُ: " فِي ذَاكَ " أَيْ التَّأْجِيلِ وَ " مِنْ بَعْدِ زَجْرِ حَاكِمٍ " وَ " بَعْدَ تَلَوُّمٍ " يَتَعَلَّقَانِ بِمَحْذُوفِ حَالٍ مِنْ قَوْلِهِ ذَاكَ أَيْ يَشْتَرِكُ التَّارِكُ لِلْوَطْءِ مَعَ الْمُولِي فِي التَّأْجِيلِ كَائِنًا أَوْ حَالَةَ كَوْنِهِ أَيْ التَّأْجِيلِ بَعْدَ شَيْئَيْنِ بَعْدَ زَجْرِ حَاكِمٍ وَبَعْدَ تَلَوُّمٍ

كَذَاك أَيْضًا مَا لَهُ ظِهَارُ ... مَنْ لَا عَلَى الْوَطْءِ لَهُ اقْتِدَارُ

قَوْلُهُ: " كَذَاكَ " - الْبَيْتَ - هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: " وَعَادِمٌ لِلْوَطْءِ لِلنِّسَاءِ " - الْبَيْتَ - يَعْنِي كَمَا أَنَّ الشَّيْخَ وَمَنْ يُشْبِهُهُ مِمَّنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْوَطْءِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فَكَذَلِكَ الظِّهَارُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ. وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقِيلَ: يَصِحُّ. وَبِهِ صَدَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَيَصِحُّ ظِهَارُ الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ لِمَانِعٍ فِيهِ أَوْ فِيهَا كَالْمَجْبُوبِ وَالرَّتْقَاءِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَصِحُّ اهـ فَكَأَنَّ النَّاظِمَ ذَهَبَ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ يَكُنْ مُظَاهِرٌ أَوْ مُولِي ... عَبْدًا يُؤَجَّلْ نِصْفَ ذَا التَّأْجِيلِ

ثُمَّ الطَّلَاقُ فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ ... بَعْدَ تَقَضِّي الْمُوجِبَاتِ الْأُوَلِ

يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُظَاهِرُ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ عَبْدًا أَوْ كَانَ الْمُولِي مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ عَبْدًا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَجَّلُ نِصْفَ هَذَا التَّأْجِيلِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: " وَأَجَلُ الْمُولِي شُهُورٌ أَرْبَعَهْ " وَنِصْفُهُ هُوَ شَهْرَانِ فَإِذَا انْقَضَتْ الشَّهْرَانِ وَلَمْ يَفِئْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ لَكِنْ بَعْدَ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالظِّهَارِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّكْفِيرِ وَالْإِيلَاءِ وَالْإِبَايَةِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَإِلَى ثُبُوتِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " بَعْدَ تَقَضِّي الْمُوجِبَاتِ الْأُوَلِ " فَالْبَيْتُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي تَأْجِيلِ الْحُرِّ: " وَأَجَلُ الْمُولِي شُهُورٌ أَرْبَعَهْ ".

وَالثَّانِي نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي التَّطْلِيقِ عَلَى الْحُرِّ بَعْدَ الْأَجَلِ: " وَيَقَعُ الطَّلَاقُ حَيْثُ لَا يَفِي " الْبَيْتَ.

وَقَوْلُهُ هُنَا: " فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ " فِي: بِمَعْنَى مَعَ، فَهِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ نَحْوَ {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَهُمْ.

(فَرْعٌ) إنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا ضُرِبَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَشَهْرَانِ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّسَاءِ.

وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فِيمَا أَصْدَرَا ... مَنْ فَاءَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مَنْ كَفَّرَا

يَعْنِي أَنَّ الْمُولِيَ إذَا طُلِّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ ثُمَّ رَاجَعَ الزَّوْجَةَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ وَفَاءً أَيْ وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ أَيْضًا فَإِنَّ رَجْعَتَهُ تَصِحُّ وَتَتِمُّ. وَبِالتَّمَامِ عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ وَكَذَلِكَ الْمُظَاهِرُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَدَخَلَ الْإِيلَاءُ فَطُلِّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَاجَعَ الزَّوْجَةَ فِي الْعِدَّةِ وَكَفَّرَ عَنْ ظِهَارِهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ الْمَعْلُومَةَ وَذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ أَيْضًا فَإِنَّ رَجْعَتَهُ تَتِمُّ عَلَيْهِ أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ الْمُولِي إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ قَبْلَ الْحِنْثِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ مَثَلًا ثُمَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ فِي الْعِدَّةِ وَرَاجَعَ فَإِنَّ رَجْعَتَهُ تَتِمُّ وَسَوَاءٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - رَاجَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُمَّ كَفَّرَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَ بِخِلَافِ الْفَيْئَةِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ إلَّا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَضْلًا عَنْ الْوَطْءِ، لَكِنَّ رَجْعَتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْفَيْئَةِ إنْ فَاءَ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، فَقَوْلُهُ: مَنْ فَاءَ مِنْ الْعِدَّةِ هُوَ خَاصٌّ بِالْمُولِي إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ،.

وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ كَفَّرَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمُولِي إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ وَلِلْمُظَاهِرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ يُوقِعُهُ الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ بَائِنٌ إلَّا طَلَاقَيْنِ طَلَاقَ الْمُولِي وَطَلَاقَ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ، ثُمَّ الرَّجْعَةُ فِي الْمُولِي مُشْتَرَطَةٌ بِانْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ اللَّاحِقِ لَهَا بِتَرْكِ الْجِمَاعِ بِسَبَبِ الْيَمِينِ فَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِدُونِ الِانْحِلَالِ لَبَقِيَ ذَلِكَ الضَّرَرُ عَلَى حَالِهِ. اهـ

وَلِأَجْلِ اشْتِرَاطِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: " مَنْ فَاءَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مَنْ كَفَّرَا " وَإِنَّمَا يَكُونُ طَلَاقُ الْمُولِي رَجْعِيًّا إذَا كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ، أَمَّا إنْ كَانَ قَبْلَهُ فَبَائِنٌ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ آخِرَ الْإِيلَاءِ: وَلَا رَجْعَةَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015